للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أنه يجب على أصحاب هذه الأسهم أن يخرجوا زكاتها على أساس (٢.٥ %) من قيمتها السوقية كأصحاب أسهم المتاجرة.

وحجة هذا القول أن هذه الأسهم لا تخلو من الصبغة التجارية، لأن أصحابها كانوا يشترونها بغرض الاستفادة من ريعها، لكن أغلبهم يدخر نية بيعها إذا ارتفعت أسعارها أو تناقص ريعها، أو صار بيعها أجدى من الاحتفاظ بها، ولأن هذه الأسهم صار لها شبه بالنقود من حيث إمكان الحصول على أثمانها في أي وقت، ولأن هذا هو الأحوط في الدين والأحسن للفقراء اهـ.

أقول: يفهم من هذا القول وحجته أن القائلين به لا يرون أن هناك أسهما معدة للاستغلال، وأن جميع أسهم الشركات عروض تجارة، لأن الحجة التي ذكروها تنطبق على جميع أسهم الشركات.

وهذا خلاف الواقع، وهو أيضا خلاف ما قررته الهيئة ووافقوا هم عليه في المادة (١٩) و (٢٠) من تقسيم الأسهم إلى أسهم متخذة بغرض التجارة، وأسهم متخذة بغرض الاحتفاظ (النماء) .

القول الثالث: أنه يجب على أصحاب هذه الأسهم تزكية ثمنها عند بيعها فور قبضه من غير انتظار حولان الحول عليها كبضاعة التاجر المحتكر عند الإمام مالك، ولأن ما تمثله من قيم مالية لا يقل عما تمثله الديون غير المرجوة. اهـ. أقول: هذا القول أضعف الأقوال الثلاثة، لأنه أراد أن يقيس زكاة الأسهم المعدة للاقتناء على زكاة بضاعة التاجر المحتكر عند مالك، وعلى زكاة الديون غير المرجوة، وكل من القياسين غير مقبول عندي.

أما القياس على زكاة بضاعة التاجر المحتكر فغير مقبول، لأن تقسيم مالك التجار إلى تاجر مدير وتاجر محتكر هو بالنسبة لعروض التجارة التي تكون نية صاحب البضاعة المتاجرة بها، والأسهم التي نتحدث عنها نية صاحبها الاستفادة من ريعها، فليس هنالك جامع بينهما.

وأما القياس على زكاة الديون غير المرجوة فهو قياس غريب، إذ كيف نقيس مالا مملوكا مستثمرا يدر ربحا في الغالب على دين غير مرجو السداد؟.

ثم إن أصحاب هذا القول لم يتعرضوا لزكاة الربح الذي قد يأتي من هذه الأسهم.

بناء على هذا التحليل للأقوال المخالفة لقرار مجمع الفقه الإسلامي بالنسبة لزكاة الأسهم المقتناة بغرض النماء، إذا كانت الشركة لا تخرج الزكاة، ولم يستطع مالكها معرفة ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة، فإني أرى الإبقاء على القرار كما هو، لأنه أعدل الآراء، وأيسرها تطبيقا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>