للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلحظ في أقوال عطاء أنه ورد في بعضها: (لا يزكيه صاحبه حتى يقبضه) ،وينبغي حملها على أنه يزكيه بعد قبضه لما يستقبل، لا لما مضى، لكي تتفق مع الروايات الأخرى.

واستدل لهذا الرأي:

١- بأنه ناقص الملك (١)

٢- بأنه غير تام فلم تجب زكاته كعروض القنية (٢) .

القول الثاني- يزكيه المدين:

ذكر أبو عبيد في زكاة الدين خمسة أوجه من الفتيا؛ منها: أن تجب زكاته على الذي عليه الدين، وتسقط عن ربه المالك له. ونسبه إلى إبراهيم وعطاء، وروى عنهما قولهما: (في الدين الذي يمطله صاحبه ويحسبه (هكذا) : زكاته على الذي يأكل مهنأه) (٣)

وذكر ابن حزم هذا القول أيضا منسوبا إلى إبراهيم وعطاء وروى عن إبراهيم النخعي في الدين يكون على الرجل فيمطله، قال: (زكاته على الذي يأكل مهنأه) .

وروى عن عطاء أو غيره نحوه (٤) .

ونسب ابن حزم هذا القول إلى عمر والحسن بن حي أيضا.

وروى عن عمر قوله: (إذا حلت- يعني الزكاة- فاحسب دينك وما عندك، واجمع ذلك جميعا ثم زكه) .

وروى عنه أيضا أن رجلا قال له: (يجيء إبان صدقتي فأبادر الصدقة فأنفق على أهلي وأقضي ديني) ، قال عمر: (لا تبادر بها، واحسب دينك، وما عليك، وزك ذلك أجمع) (٥) ولم يرو شيئا عن الحسن بن حي.

ونسبة هذا القول إلى إبراهيم وعطاء غير دقيقة، لأن ما روي عنهما يدل على أنهما يريان أن المدين الذي يزكي الدين هو المدين المماطل، وليس كل مدين ونسبته إلى عمر محل نظر؟ لأن الرواية الأولى التي نقلتها عن ابن حزم أوردها أبو عبيد مستدلا بها على أن عمر يرى أن زكاة الدين على الدائن، وأورد معها رواية أخرى عن عمر أنه كان إذا خرج العطاء أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد (٦) .

وكلمة (دينك) تحتمل المعنيين: الدين الذي له، والدين الذي عليه، والخبر الثاني الذي رواه أبو عبيد عن عمر يؤيد المعنى الأول، والخبر الثاني الذي رواه ابن حزم عن عمر يؤيد المعنى الثاني، ولكن يترتب عليه أن عمر يرى أن الدين يزكيه الدائن والمدين معا، وهذا غير مقبول.


(١) بداية المجتهد: ١/ ٢٤٥.
(٢) المغني: ٤٦/٣.
(٣) الأموال، ص ٤٣٠- ٤٣٢.
(٤) المحلى: ٦/ ١٣٢، ومهنأه- بفتح الميم والنون وبينهما الهاء ساكنة: هو ما يأتي بلا مشقة، وأكل هنيئا.
(٥) المحلى: ٦/ ١٣١.
(٦) الأموال، ص ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>