للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و رغم إنه من ضمن الشروط الأساسية لعقد المضاربة، ضرورة عدم تدخل صاحب رأس المال في إدارة نشاط المضاربة اليومي، إلا أن هذا العقد يتيح له من الأصل شروطًا تكفل له حماية أمواله لدى عامل المضاربة، وتستلزم حضوره واطلاعه على نتائج الأعمال بصفة عامة، فضلًا عن إعطاء رأيه في بعض المسائل التي لا يستطيع المضارب التصرف فيها إلا بالرجوع إليه. فعلى سبيل المثال يقسم الفقهاء أنواع الأعمال التي يقوم بها عامل المضاربة إلى ثلاث مجموعات (١) .

* أعمال يجوز للعامل القيام بها بمطلق العقد، وبدون حاجة للحصول على إذن صريح من صاحب رأس المال، ومن أمثلة ذلك التوكيل بالبيع والشراء والرهن والاستئجار والإيداع.

* أعمال لا يجوز له أن يعلمها إلا إذا قال له رب المال: اعمل فيها برأيك، ومن أمثلة ذلك دفع المال إلى غيره مضاربة أو شركة، أو خلط مالها بماله أو بمال غيره قبل بدء النشاط (٢) .

* أعمال لا يجوز له أن يعملها إلا إذا حصل على إذن خاص من صاحب رأس المال، سواء قال له: اعمل فيها برأيك، أو لم يقل له ذلك، ومثال ذلك الاستدانة من الغير على رأس المال.

ومن ذلك يتضح أن القواعد والشروط الأساسية لعقد المضاربة تتيح في جميع الأحوال أنواعًا من الضمانات، نحسب أنها كافية لحماية أموال المودعين في عصرنا الحالي، ويكون ذلك بإعطاء الفرصة لصاحب رأس المال في الإطلاع على النتائج العامة، والتطور المستمر في أنشطة البنك بما يتيح له مرونة عالية في الاختبار بين البدائل عند التفاوض مع عامل المضاربة (المضارب) . ولا شك أنه بإمكان المودعين ـ إذا اجتمعوا ـ فرض أي من الشروط السابق ذكرها على البنوك، ويكون ذلك من خلال التفاوض بين الطرفين.


(١) انظر على سبيل المثال: النووي، الروضة: ٥/ ١٢٨؛ ابن قدامة، المغني: ٥/ ٤٤، مالك، المدونة، ابن عابدين، رد المحتار: ٥/ ٦٤٩.
(٢) أما خلط مال المضاربة بمال الغير أو حتى بمال المضارب بعد البدء في النشاط فلا يجيزه جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة، أما الحنفية فذلك عندهم غير جائز أيضًا إذا لم يتم الخلط بإذن صريح من صاحب رأس المال، ولم يكن التجار متعارفين بينهم على ذلك. انظر ابن عابدين، رد المحتار ٥/ ٦٤٩؛ مالك، المدونة، النووي، الروضة: ٥/ ١٤٨، ابن قدامة المغني: ٥/٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>