للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آراء العلماء المؤيدين لفكرة تضمين البنوك الإسلامية:

فيما يلي عرض للأفكار الأساسية وكذا الحجج والأسانيد التي تستند إليها كل من هذه الآراء:

١ – الرأي القائل بتضمين البنوك الإسلامية للودائع قياسا على أعمال الأجير المشترك:

يتضح من تتبع الرأي القائل بتضمين البنوك الإسلامية لأرصدة الحسابات الاستثمارية المحتفظ بها الدين، قياسًا على عمل الأجير المشترك، أنه يستند بصفة أساسية على كل من الركائز التالية:

أ - يقول صاحب الاقتراح: إن فرض الضمان على البنك الإسلامي لا يفسد عقد المضاربة، وإن اقتراحه بتضمين يد المضاربة لا يتعارض مع أي دليل شرعي من كتاب الله عز وجل، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع الصحيح (١) .

ب - إن ارتباط ذمة البنك بأموال عدد كبير من العملاء لاستثمارها في آن واحد، يشابه إلى حد كبير عمل الأجير المشترك، خاصة أن البنك يعمل في الودائع المحتفظ بها لديه بعيدًا عن أعين أرباب رأس المال ورقابتهم وتوجيهاتهم. وحيث إن جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية على الرأي بجواز تضمين الأجير المشترك والصانع المشترك لمظنة التهمة، ولما تواترت عليه الآراء من ورود احتمال للإهمال والتعدي من جانبهما، لذلك يمكن قياس عمل البنك بصفته مضاربًا مشتركًا على عمل كل منهما، بما يسوغ في النهاية إصدار الحكم بجواز ضمان البنك للأموال المودعة لديه (٢) .

جـ- إن هناك فارقًا بين عقد المضاربة ثنائي الأطراف وهو الذي استنبطه الفقهاء من المذاهب المختلفة، وفقًا للظروف والملابسات التي كانت سائدة في العصور الأولى من الإسلام والذي لا يسمح باشتراط الضمان مسبقًا على عامل المضاربة (المضارب أو البنك بالنسبة للموضوع المطروح للمناقشة في هذه الورقة) كما لا يسمح بخلط الأموال في وعاء المضاربة بعد بدء النشاط فيها، ويبين عقد المضاربة المشتركة (متعدد الأطراف) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية حاليًا وتمليه عليها قواعد التعامل المصرفي المعاصر، فوفقًا للقواعد المذكورة (٣) ـ التي يرى القائل بهذا الرأي بأنه لا بديل أمام البنوك الإسلامية إلا أن تتقيد بها وتتبعها ـ تضطر هذه البنوك إلى السماح بدخول وخروج أموال عدد كبير من المودعين في وعاء المضاربة في آن واحد وبصفة مستمرة، مما يؤدي إلى خلط هذه الأموال وتزايد احتمالات وقوع غبن لكثير من المودعين (٤) .

ويرتب صاحب هذا الرأي على ما ورد بالبندين السابقين حكمًا مهما وهو: جواز الاشتراط على البنوك بضمان أرصدة الودائع الاستثمارية المحتفظ بها لديها، بما يجبرها على حسن إدارة هذه الأموال وعدم التفريط في استخدامها. أما الأصل الشرعي الذي استند إليه في إصدار هذا الحكم، فهو ما تقتضيه قواعد العرف المصرفي في السائد في جميع أنحاء العالم، وما تستلزمه قاعدة تغير الأحكام بتغير الأزمان.


(١) د. سامي حمود، التكييف الفقهي للمضاربة المشتركة، وتطبيقاتها المعاصرة، بحث مقدم إلى المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، ص ٩٠.
(٢) د. سامي حمود، تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، ص ٣٨٨ ـ ٣٩٢.
(٣) د. سامي حمود، بحث التكييف الفقهي للمضاربة المشتركة وتطبيقاتها المعاصرة، ص ١١ـ ١٦، ص ٣٩ ص ٦٢ ـ٦٣، ص ٧٦ ـ ٦٨.
(٤) د. سامي حمود، بحث التكييف الفقهي للمضاربة المشتركة وتطبيقاتها المعاصرة، ص ١١ـ ١٦، ص ٣٩ ص ٦٢ ـ٦٣، ص ٧٦ ـ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>