للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الرأي القائل بجواز تضمين البنوك الإسلامية، بناء على أن الأصل هو عدم وجود ما يمنع من تضمين يد الأمانة بالشروط في الفقه الإسلامي.

ويستند هذا الرأي على عدد من الحجج والأدلة، سبق في الرد عليها بالتفصيل في بحث آخر (١) . ونظرًا لأن هذا الرأي يشترك في بعض النقاط مع الحجج التي ساقها د. سامي حمود في أبحاثه التي أشرت إليها سالفًا. لذلك سأكتفي في هذا الجزء بعرض مختصر لأهم الأفكار والحجج الجديدة التي استقل بها صاحب هذه الفكرة (بخلاف ما عرضه د. سامي حمود) ، تمهيدًا لبيان أوجه الرد عليها بشيء من الاختصار بعد ذلك.

أ - لقد اعتمد صاحب هذا الرأي في التوصل إلى ما استنتجه على دمج عقد المضاربة، بصفته من العقود التي تشتمل على أيد أمينة، وسوى بينه وبين سائر العقود الأخرى المماثلة، كعقد الوديعة والإجارة والشركة والوكالة، ثم حاول إثبات عدم وجود أدلة من الكتاب أو السنة أو الإجماع تمنع من فرض الضمان بالشرط مسبقًا على الأيدي الأمينة بصفة عاملة ممثلة في هذه العقود (ومنها عقد المضاربة) ، دون التفرقة بين عقد وآخر، وذلك من منطلق أن المناط وهو التهمة موجود في معظم حالات اشتراط الضمان على الأمين. إلا أن الضمان الذي يقصده قاصر فقط على حالات التلف والتعدي (سواء بقصد أو بغير قصد) دون حالات الخسائر التي قد تقع على رأس المال نتيجة للتقليب العادي لرأس المال في أعمال التجارة.

ب - أنه فرق بين طريقة فرض الضمان التي اقترحها د. سامي حمود على المضارب (٢) ، وهي مصممة بصفة أساسية لمقابلة جميع أنواع الخسائر، سواء أكانت ناتجة عن التجارة أو عن التلف، وبين طريقة فرض الضمان التي يقترحها هو، وهي مصممة للخسائر الناتجة عن التلف فقط، ويهاجم في هذا الشأن الاقتراح الذي يقترحه الآخرون ويرتبون عليه النتيجة الطبيعية لفرض الضمان على عامل المضاربة، وهي دخول المال في ذمة عامل المضاربة من بداية النشاط حتى نهايته ويعتبر هذا النوع من الضمان غير مستساغ شرعا لاحتمال اتخاذه ذريعة للتعامل الربوي، ثم إنه يرتب على ذلك نتيجة أخرى تعتبر فريدة من نوعها، وهي اعتباره فرض الضمان لمقابلة الخسائر الناتجة عن التلف فقط غير ملزم للعامل من بداية العمل في نشاط المضاربة والى حين حدوث التلف، ويبرر ذلك بعدم دخول مال المضاربة في ذمة العامل من الأصل، فلا يقع الإلزام بالضمان إلا عند حدوث التلف، كما لا يسأل العامل في هذه الحالة عن أي خسارة في رأس المال قد تحدث في نفس الوقت، وتكون ناتجة عن غير تعد أو تفريط من جانبه. وعنده أن اقتراحه بهذا الشكل يختلف تمامًا في جوهره عن الاقتراح الآخر الذي يفترض وقوع الضمان على عامل المضاربة ويدخل المال الذي بين يديه في ذمته من البداية.


(١) د. حسين كامل فهمي، ضمان الودائع بالشرط (الرد) ، بحث مقدم لمؤتمر الصناعة المالية الإسلامية ـ الإسكندرية، أكتوبر ٢٠٠٠ م.
(٢) انظر الحجج والأسانيد التي أوردها د. سامي حمود، في الفقرات السابقة من هذا البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>