للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد فقد كثير من أبناء المسلمين اليوم هويتهم، ومسخت شخصيتهم بفعل التضليل المستمر الذي يمارسه شياطين الجن والإنس بمختلف الوسائل، وسبيلنا للوحدة الصادقة هو الدعوة إلى الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، والاعتزاز بالانتساب إلى هذا الدين، ونبذ كل ما يخالفه ويضاده، وهذا النهج هو نهج أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، الذي حرص على إقراره في بنيه وذريته، وهو المنهج الحق الذي أمرنا الله بالتزامه، وحكم على من أعرض عنه بالسفه والضلال، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . (١)

هذه هي ملة إبراهيم، وهي توحيد الخالق جل وعلا بعبادته وحده لا شريك له، وإقامة الحياة وفق منهج الله، والاعتزاز بهذا المنهج وإقراره في واقع الحياة، ورفض المبادئ المنحرفة الضالة التي اخترعها البشر وجعلوها أديانا يقيمون حياتهم وفقها، ويعتزون بالانتماء إليها.

إن الإسلام منهج حياة، والعبودية لله معلم كبير في حياة المسلم، والمسلمون وفق هذا المنهج والفهم يشكلون أمة واحدة في مقابلة التجمعات البشرية.

والمسلم الصادق يعتز بالانتساب إلى الإسلام {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} . (٢) فقد نص على أن أفضل الناس هم الذين يعلنون انتسابهم إلى الإسلام.

وكثير من المسلمين اليوم فقدوا انتماءهم، فأخذوا يبحثون عن عقائد ومذاهب وأقوام ينتسبون إليها، وآن لنا أن نرفع الراية التي كان أسلافنا ينتسبون إليها، ألا وهي الإسلام، لا راية الأوطان، أو الأقوام أو الأحزاب أو التجمعات الضالة.

التوحيد والانتساب إلى الإسلام ملة إبراهيم، وقد أمر الله رسوله باتباع ملة إبراهيم: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} . (٣) . ونحن أولى الناس بإبراهيم بعد أتباعه {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (٤)


(١) البقرة: (١٣٠-١٣٣)
(٢) فصلت: (٣٣)
(٣) النحل: (١٢٣)
(٤) آل عمران: (٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>