للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل الثاني: توحيد مصدر الهداية:

والأصل الثاني توحيد مصدر الهداية، وهذا لازم للأصل الأول، فما دمنا قد آمنا بأن هذا الدين من عند الله، أنزله لهداية البشر للتي هي أقوم، فيجب أن نحل هذا الدين في المرتبة التي يستحقها في هذا المجال.

إن جميع الدعوات والمذاهب والأديان التي يموج بها عالم اليوم يدعى أصحابها أنهم يملكون إكسير السعادة، وهداية البشر للتي هي أقوم، ونحن نقول كما علمنا الله أن نقول: {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} . (١)

إن مصدر الهداية الوحيد كتاب الله وسنة رسوله، واتباع أهل الكتاب، وأصحاب الدعوات الباطلة يقود إلى الردة والكفر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . (٢) ومتي فقهنا هذه الحقيقة التي قررها قوله تعالى: {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} . (٣) وفرنا على أنفسنا جهودا كثيرة في تلمس الهداية في الكتب السماوية المحرفة، وفي نظريات البشر وأفكارهم المتضاربة المتعارضة، وسرنا في الطريق المرسوم، ندعو البشر إلى طريقنا، ونحاكم أفكارهم وعقائدهم ومبادئهم إلى موازين الإسلام، وإذا ما جاؤوا يعرضون بضاعتهم علينا رفضناها، لأننا نعلم أن في بضاعتهم دخنا، وهم لا يرضون عنا حتى ننسلخ من ديننا ونأخذ دينهم {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} . (٤) وقد وقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) في وجه تلمس الهداية من الأديان المحرفة بقوة، وشدد التنكير على من ذهب هذا المذهب، ففي مسند أحمد عن عبد الله بن جابر قال: ((جاء عمر إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي يهودي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .

قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى وجه رسول الله؟ فقال عمر: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا.

قال: فسري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)) .


(١) آل عمران: (٧٣)
(٢) آل عمران: (١٠٠-١٠١)
(٣) آل عمران: (٧٣)
(٤) البقرة: (١٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>