ولذلك فإننا ننظر –اليوم- بكثير من الريبة والحذر إلى ما يسمي بمؤتمرات التقريب بين الأديان والتي تعقد في شتى أنحاء العالم ويحضرها علماء مسلمون وغير مسلمين يبحثون في الالتقاء والتقارب بين الإسلام والنصرانية، ويبحثون في إزالة سوء التفاهم بينهما. إننا نرفض هذه المؤتمرات، لأنها تضع الإسلام الدين الحق والنصرانية الدين المحرف الباطل في مرتبة سواء، ونرفضها لأن الإسلام جاء مهيمنا على النصرانية وغيرها من الأديان، وليس هناك مجال للتقريب بين دين محرف مغير مبدل والدين الحق.
إننا نقف في مجامع النصارى لا لنقرب بين دينهم الباطل وديننا، وإنما لنقول لهم: دعوا هذا الدين، ودعوا الشرك بالله والكفر به، وتعالوا إلى الدين الذي بشر به موسى وعيسى، دين الله الخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
إننا نعد قبول العلماء المسلمين بحضور هذه المؤتمرات انحرافا يضر بهم وبدينهم وعقيدتهم، ولا ينفع إلا الذين قالوا اتخذ الرحمن ولدا، لأنهم بذلك يجرجروننا إلى باطلهم، ويوقعوننا في شباكهم.
ففي شهر أبريل سنة ١٩٧٤ عقد مؤتمرا من هذا النوع في باريس التقي فيه علماء مسلمون ورجال فكر أوربيون للبحث في التقارب بين الإسلام والمسيحية، وزار الوفد الإسلامي الفاتيكان وألقي هناك محاضرتين، وقد مهد لهذا المؤتمر منذ عام ١٩٧٢، وقد وصفت الصحف هذا المؤتمر بأنه مهم.
وفي شهر سبتمبر من العام نفسه ١٩٧٤ انعقد المؤتمر الإسلامي المسيحي في مدينة (قرطبة) وقد كانت مهمة المؤتمر تقريب وجهات النظر بين العالمين المسيحي والإسلام، ودراسة تزايد موجة السعي من أجل إزالة الخلافات وسوء الفهم الذي قد يكون قائما بين الدينين بالنسبة للمعنيين بالأمر والرأي العام.
وفي شهر نوفمبر من ذلك العام كان المؤتمر المسيحي الثالث في مدينة (تونس) .
وقد عقد مؤتمر إسلامي في مدينة لاهور في باكستان في ذلك العام في شهر فبراير ١٩٧٤ ومع كونه إسلاميا في الظاهر إلا أنه قد حضره ممثلون من نصارى لبنان، وقد أشاد المؤتمر بالتعاون الإسلامي المسيحي.