للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما اليوم، وقد ظهرت الآلات الطباعة التي تقذف الواحدة منها عشرات النسخ من الكتاب في الدقيقة الواحدة، فقد اختلفت موازين الأمر!..

إن إخراج النسخة الواحدة مطبوعة مجلدة جاهزة للقراءة، لم يعد يكلف إلا مبلغًا زهيدًا من المال، هو في مجموعة قيمة الورق والغلاف ونفقات الآلة، يتبين لك ذلك عندما تقسم مجموع النفقات على عشرين ألف نسخة مثلًا.. وأمام ضمور كلفة استخراج النسخة الواحدة تبرز قيمة المضمون العلمي له، تلك القيمة التي ظلت خفية أو ضامرة ضمن ضخامة القيمة التي كان يستحقها إخراج النسخة الواحدة منه.

وهذا هو السبب في تسابق الناشرين وأصحاب المطابع إلى طبع آلاف النسخ من مؤلف أو ابتكار علمي، يشعرون أن له قيمة مالية، وراء تكاليف الطباعة والإخراج. فقد تحولت عملية الإنفاق على ذلك إلى أداة اقتناص لقيمة مالية، كان يعوزها أن تحبس في وعاء صالح، ليتسنى بذلك بيعها وتسليمها لآلاف الراغبين.

ولكن فمن الذي يستحق هذه القيمة المالية التي برزت لمضمون هذا الكتاب، بفضل ظهور وسائل الطباعة الحديثة؟

والجواب المضمون العلمي للكتاب إذا كان حقًا لمؤلفه الذي أبدعه، كما سبق أن أوضحنا، طبقًا للأدلة التي لا خلاف فيها، فلا ريب أن كل ما قد يبرز فيه من قيمة مالية، لا بد أن يكون عائدًا بالضرورة لصاحب الحق بذاته.

غير أن الذي يقوم بدور الطباعة والإخراج، يستحق على ذلك أجره كاملًا غير منقوص. ويعود الأمر ليشبه، مرة ثانية، تلك الأرض الغنية بالمعادن، عندما قامت الوسائل الحديثة باستخلاصها وتحضيرها، ومن ثم أبرزت القيمة الذاتية لها.. إذا لما هبطت قيمة تلك التكاليف والجهود هبوطًا كبيرًا، صعدت من خلال ذلك قيمة تلك المعادن وأمكن التعامل بها على هذا الأساس.

<<  <  ج: ص:  >  >>