للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور منذر قحف:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

أنا في الحقيقة عندي بضعة نقاط وأرجو أن أدعو أيضًا إخواني الاقتصاديين الحاضرين لأن يتكلموا في هذا الموضوع، أحب أن أبدأ بالنقطة الأخيرة التي انتهى إليها الأخ الدكتور حمد عطا السيد، الحقيقة واضع المسلمين وواقع دولهم أن الدولة كانت المتسبب الأول والأكبر، وفي معظم الأحيان الوحيد في ما نسيمه من جشع التجار، واحتكار التجار، وانتفاعهم، والحقيقة أن الدولة هي المنتفعة أيضًا، الدولة بمعنى موظفيها، بمعنى من يتدخل، من يضع هذه اللوائح، من ينفذ هذه اللوائح، من يعطي التراخيص، ومن يمنع التراخيص، هي كانت المتسببة وهي المنتفعة وهؤلاء كما هو مألوف وملحوظ ومرئي هم شركاء ما يسمى بفئة التجار الجشعة، هذا واقع المسلمين، وهذا تدل عليه تجربة الدول الإسلامية والدول غير الإسلامية خلال نصف قرن من الزمان، ليست فئة التجار هي المشكلة بل أن تنظيمات الدولة وتراخيصها وفئة البيروقراطية التي في الدولة هي التي سببت وعملت وانتفعت من هذه التدخلات، التسعير: أظن ينبغي أن نميز تمييزًا مهمًّا بين تسعير على فرد كما ورد في المثال الذي " أعتق عبدًا له فيه شرك " هذا تسعير على فرد، والتسعير هنا بسعر المثل بسعر السوق بمعنى آخر، بالسعر الذي يتكون بحرية التداول بالسوق، وبين التسعير على الأمة كلها، التسعير على الأمة أمر يمنع السلع، يمنع تداولها، يمنع الإنتاج، يؤثر على كفاءة الإنتاج إلى حدود بعيدة، وهذا أمر مجرب، لا شك أن هناك بعض الظروف التي تقتضي نوعًا من تدخل الدولة، الظروف الاستثنائية، ظروف عدم وجود المواد أصلًا، عدم توفرها، ظروف بطبيعتها استثنائية جدًا، فإذا جعل من هذا الاستثناء القليل النادر، إذا جعل منه قاعدة أدى ذلك إلى هبوط عام في الاقتصاد وفي كفاءة الإنتاج وكفاءة التوزيع، وأدى إلى تسلط فئات هي أكثرها من الفئات التي تصنع هذه الأنظمة وتضع هذه اللوائح، بعض السلع بطبيعتها تتضمن معنى الاحتكار، سلعة لا تنتج إلا باستعمال أموال كبيرة ولا يمكن توزيعها بطريقة تنافسية، مثل الكهرباء مثلا، إنتاج الكهرباء، هذا قد يأتي به موضوع أن تحدد الدولة أو أن تشترك الدولة في تحديد نوع ما من الأسعار على الناس بحيث تتوازن مصالح المستهلك والمنتج، وحتى في هذه السلع يلاحظ أن تدخل الدولة بالتسعير يؤدي في معظم الأحيان إلى عدم موافقة المنتجين لهذه السلع للتطورات الفنية الحديثة، بأن يتخلف الإنتاج عندهم وأن تبقى طريقة الإنتاج بطرق قديمة غير متطورة، وهذا أيضًا أمر ينبغي أن يلحظ كثيرًا عند التسعير حتى في مثل هذه الأحوال، كنت أود أن يركز الموضوع على مسألة تحديد أرباح التجار التي أشار إليها الدكتور القرضاوي، وهي موضوع مختلف عن مسألة التسعير، أحب أن أستمع من السادة العلماء إلى رأي في ما هي العناصر التي يلحظها التاجر المسلم؟ الضمير المسلم، عندما يحدد سعره، عندما يحدد ربحه دون تدخل الدولة، دون أي شيء، ما هي العناصر؟ ما هي المؤثرات التي تجعله يقبل بربح ما ولا يقبل بربح آخر؟ وهل يختلف الإنسان المسلم في هذا عن غيره من غير المسلمين؟ وهل يؤثر الإسلام بأن يجعل في نفس الإنسان عناصر واتجاهات تؤثر وتحدد له منحاه في ما يقبله من ربح، وما لا يقبل به؟ هذا غير تدخل الدولة أيضًا في تحديد الأسعار وهي نقطة مهمة جدًّا في دراسة نفسية الإنسان المسلم مقارنة مع غيرها في سلوكه الاقتصادي أكتفي بهذا والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>