للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور يوسف محمود قاسم:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أقدم خالص شكري إلى فضيلة الأستاذ الشيخ المفتي محمد المختار السلامي، على هذا العرض الوافي بالنسبة للأبحاث، وبالنسبة لبحث فضيلته بالذات، الذي أشار فيه إلى آراء مجموعة كبيرة من السلف الصالح، ثم إلى بعض الآراء المعاصرة التي اختار هو ترجيحها، في الواقع من هذا العرض الذي سمعناه يبدو أن هنالك أصلًا قاعدة أصلية متفق عليها مسلمة في الكتاب والسنة وهو أن (التسعير حرام) " إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق، وإني أرجو أن ألقى الله وليس لأحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال " فهو صلى الله عليه وسلم رفض أن يسعر؛ لأنه مظلمة، كما قرر ذلك علماء السنة، لكن وكما وضح العلامة ابن القيم أن هنالك استثناء، إذا تعنت التجار على أن يضروا بمصالح الناس وأن يرفعوا السعر عليهم ظلمًا وعدوانًا، فهنا يجوز لولي الأمر أن يتدخل لرفع الظلم، وعبارة ابن القيم: " يجوز بل يجب عليه لأن من اختصاصه ولاية المظالم، ورفع الظلم عن الناس " في الحقيقة أيضا، الدول المعاصرة في الدول النامية، الدولة النامية في الواقع هذه الدولة واقعة في ورطة، نتيجة عدم توضيح الأمور من الناحية الفقهية لها، لأننا كثيرًا ما قرأنا وسمعنا في الستينيات فتاوى كثيرة تبرر للدول المتسلطة أن تحدد السعر، والتسعير جائز، والتسعير والمصلحة، وهكذا، والكل يفتي، هذا أوقع الدولة الآن في ورطة لماذا؟ لأنه في الواقع التسعير من غير ضوابط يؤدي إلى ظلم ظاهر، كما أكد ذلك الحديث التسعير الذي تكلم عنه ابن القيم وابن تيميه وغيرهم، هو لرفع الظلم إذن تدخل استثنائي ولفترة محددة فيرفع الظلم، تتدخل الدولة لترفع الظلم عن الناس حتى يعود السعر إلى المجرى الطبيعي إلى العرض والطلب، ولذلك عبارة ابن القيم لا زالت في ذهني، أما إذا كان ارتفاع السعر راجعًا إلى قلة الشيء أو إلى كثرة الخلق، فهذا إلى الله، ولا يجوز التدخل، هذا مذهب ابن القيم، إذن القاعدة ما هي؟ القاعدة هي العرض والطلب، هذا هو الأساس متى يجوز التدخل استثناء؟ لرفع الظلم، على الدولة أن تتدخل لترفع الظلم، ثم ترفع يدها بعد ذلك عندما تعود الأسعار إلى مجراها إلى العرض والطلب، فضيلة الشيخ السلامي – جزاه الله خيرًا – أشار إلى عبارة، يقول: وعلى الدولة أن تعوض التجار من الخزانة العامة، هذه هي الكارثة الواقعة فيها كل الدول النامية الآن، موضوع الدعم، لِمَ الدعم؟ الدعم نتيجة عدم تبصير الدولة بأن التسعير حرام، فغالت مغالاة لا حد لها في التسعير، بطبيعة الحال يصرخ التجار، لأن التسعير يصادر كل أرباحهم، فتأتي الدولة سرًّا وتعوضهم الربح المعقول من خزينة الدولة، خزينة الدولة الآن تتحمل في سلعة واحدة في بعض الدول مليارين من أجل سلعة واحدة فيقول لك: الدعم ويأتي صندوق النقد الدولي ليتدخل، والدنيا تصرخ، والمشاكل التي لا حد لها، هذا من عدم ضبط قاعدة التسعير وبحمد الله حينما أثير هذا الموضوع أمام المجمع الموقر والذي له الكلمة العليا بين علماء المسلمين، والمسلمون ينتظرون كلمة الحق، التسعير حرام إلا إذا كان هنالك ظلم من التجار فتتدخل الدولة لرفع الظلم فقط، ثم ترفع يدها ليعود المجرى الطبيعي، مجرى العرض والطلب، وأكرر عبارة ابن القيم: " أما إذا كان ارتفاع السعر راجعًا إلى كثرة الخلق أو إلى قلة الشيء فهذا إلى الله " وشكرًا لكم. والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>