للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين:

بسم الله الرحمن الرحيم

أقدم الشكر الجزيل للشيخ المختار السلامي، على تلخيصه الجيد، واهتدائه إلى النقاط المهمة في كل بحث من البحوث التي أسند إليه تلخيصها.

والحقيقة أن الموضوع اليوم هو موضوع شامل، وحيوي لأنه يهم السوق الإسلامية، والمواطن الإسلامي، فتحديد أرباح التاجر تتمحور تحتها عدة محاور، البيع – كما نعلم – هو بيع مساومة أو مرابحة، والمرابحة خطيرة في عصرنا لأنها أصبحت هي البيع الذي يكاد يشمل جل الساحة الإسلامية، فلا بد من النظر الإسلامي إليه، ولا بد من تنبيه حتى إذا لم نقل التدخل المباشر، لا بد من يقظة أولي الأمر لتتبع حال السوق، والحال أن الذين يبيعون في الأسواق لم يتلقوا أثناء دراستهم الدراسات الكاملة التي تبين لهم الحلال والحرام في البيع، والتي تعرفهم على مواطن الغبن الفاحش المحرم في الشريعة، وتبين لهم المواد التي يحرم بيعها للمسلمين، وتبين لهم غير ذلك من الأشياء التي يجب أن يتجنبها المسلمون في سوقهم، ففي هذه الحالة، تدخل السلطة هنا لا يقول به باحث من الباحثين الزملاء الذين تكلموا في الموضوع والذين لخص الشيخ المختار كلامهم، لا في المرابحة، ولا في التسعير، ولا في تحريم الاحتكار ومراقبته ومنعه، لا نقول بأن يكون التدخل أعمى يوكل إلى سلطة ظالمة تربت في أحضان الغرب وسياسته، والتي تفرض على المسلمين ما درسته في الغرب، وما تلقته، وما ارتبطت به مصالحها فيه، ولكن نقول تدخل السلطة الشرعية المسلمة التي تريد أن تعيد للإسلام توازنه الذي كان يهدف إليه الرسول صلى الله عليه وسلم والذي قام به خلفاؤه من بعده، وأكرر هنا قضية عمر بن الخطاب مع حاطب بن أبي بلتعة، حيث قال له: " إما أن تبيع بمثل ما باعت به العير التي قدمت من الطائف، وإما أن تنتقل عن السوق "، ثم أكرر الحديث الذي قال: ((من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغلي عليهم، كان حقًّا على الله أن يقعده على عظم من النار)) حقيقة أنه بين الآية الكريمة: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، وما ورد في القرآن الكريم مما يؤكد أن القرآن يريد أن يعطي الحرية للمسلمين في تبايعهم وما ورد من أحاديث في ذلك، وبين اختلاط المسلمين بغيرهم، وبين احتكار التجار، وبين رغبتهم في الأرباح التي تستنزف كل طاقة المسلم، وبين حتى أولئك الذين يقدمون بتجارتهم من أجل أن يحطموا السوق حتى يتنحى عنه الناس، وهي ظاهرة ألح عليها الإمام مالك، كل هذه الأوضاع يجد فيها الحاكم سلطته ضيقة للتدخل، ولكن لا يمنع هذا أن يتدخل الحاكم لحماية المسلمين من استغلال التجار استغلالًا بشعًا، كما لا يمنع الحاكم من أن يتدخل، حتى لا تفرض على التجار قيود تمنعهم من استجلاب السلع إلى المسلمين، لهذا فأنا لا أريد أن أتدخل هنا لأسرد الحجج لأني أكون كجالب تمر لخيبر، ولكن أقول بأن البحوث هي بين أيديكم، وقد حللنا فيها أقوال العلماء، وأخذنا بأقوال الخلاف العالي أي المذاهب الأربعة، وحتى مذاهب الشيعة ولكن الشيء الذي ينبغي أن نخرج به أوضاعنا اليوم كمسلمين تفرض علينا فرضًا أن تتضافر جهود العلماء والحاكمين تنظم أحوال السوق لتصبح سوقًا إسلامية، وشكرًا لكم والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>