للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم تعارض العرف مع الشرع.

إذا تعارض عرف الاستعمال مع عرف الشرع، فهو نوعان:

النوع الأول: أن لا يتعلق بالعرف الشرعي حكم، فيقدم عليه عرف الاستعمال، كما قرره الصيدلاني في شرح المختصر.

مثاله:

١- حلف ألا يأكل لحمًا. فلا يحنث لحم السمك وإن سماه الله تعالى لحمًا.

٢- أو حلف ألا يجلس على بساط، لا يحنث بالجلوس على الأرض، وإن سماها الله تعالى بساطًا.

٣- ولو حلف لا يقعد في سراج، لم يحنث بالقعود في الشمس، وإن سماها الله تعالى سراجًا.

٤- ولو حلف لا يضع يده على وتد فوضعها على جبل، لم يحنث، وإن سمى الله الجبال أوتادًا.

ووجه في الكل من وجهين:

أحدهما: أن أهل العرف لا يسمونها بذلك، فقدم عرف الاستعمال على عرف الشرع، لأنها فيه تسمية لم يتعلق بها تكليف.

والثاني: أن الإنسان إنما يؤاخذ بما نواه وفعله، قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [سورة المائدة: الآية ٨٩] أي قصدتم. وعقد القلب قصده وتصميمه (١)

النوع الثاني: أن يتعلق بعرف الشرع حكم، فيقدم على عرف الاستعمال.

مثاله:

١- إذا حلف لا يصلي لم يحنث إلاَّ بذات الركوع والسجود دون التسبيح.

٢- وكذا لو حلف لا يصوم، لا يحنث إلاَّ بالإمساك بالنية في زمن قابل للصوم، ولا يحنث بمطلق الإمساك، وإن كان صومًا لغة.

٣- ولو حلف لا ينكح، فالنكاح حقيقة في العقد في الأصح، وفي العرف لا يعني به غير الوطء.

ومن ذلك: لو باع أو اشترى أو نكح أو راجع أو طلق هازلًا نفذت وصحت، وإن كان أهل العرف لا يعدونها بيعا وشراء ونكاحًا وطلاقًا.


(١) الزركشي. المنثور: ٢ /٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>