للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: إذ لا توصل إلى تقدير النفقة بالمعروف إلاَّ من جهة غالب الظن واكثر الرأي إذ كان ذلك معتبرًا بالعادة وكل ما كان مبنيًّا على العادة فسبيله الاجتهاد (١)

وقال ابن العربي: وحمل على العرف والعادة في مثل ذلك العمل، ولولا أنه معروف ما ادخله الله في المعروف (٢)

وقال أبو حيان التوحيدي: ومعنى بالمعروف: ما جرى به العرف.

وقال ابن كثير: أي ما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن (٣)

ومن الآيات الكريمة التي فيها تلميح بليغ إلى اعتبار العرف دليلًا قوله تعالى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [سورة البقرة: الآية ٢٢٨] .

وقوله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [سورة النساء: الآية ١٩] .

قال القرطبي: العرف والمعروف والعارفة: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس (٤)

وجه الاستدلال: أرشد الله تعالى الزوجين في عشرتهما وأداء حق كل منهما إلى الآخر إلى العرف المعتاد والعادة، الذي يرتضيه العقل، ويطمئن إليه القلب، ولا شك أن ذلك متغير حسب الاختلاف بين المناطق وأحوال الناس.

ومن هذا القبيل ما جاء في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [سورة المائدة: الآية ٨٩] .

قال الإمام الطبري: وأول الأقوال في تأويل قوله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، عندنا قول من قال: أوسط ما تطعمون أهليكم في القلة والكثرة، وذلك أن أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم – في الكفارات كلها وردت بذلك، وذلك كحكمه صلى الله عليه وسلم – في كفارة الحلق من الأذى بفرق من طعام بين ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع (٥)


(١) أحكام القرآن: ١ /٤٠٤.
(٢) أحكام القرآن: ص ٢٠٣.
(٣) ابن كثير: ١ /٣٠٥.
(٤) تفسير القرطبي: ٧ /٣٤٦.
(٥) جامع البيان: ١٠ /٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>