للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك: أن الحالف إذا حلف: لا ركبت دابة – وكان في بلد عرفهم في لفظ (الدابة) الحمار خاصة – اختصت يمينه به، ولا يحنث بركوب الفرس ولا الجمل.

وإن كان عرفهم في لفظ (الدابة) الفرس خاصة، حملت يمينه عليها دون الحمار. وكذلك إن كان الحالف ممن عادته ركوب نوع خاص من الدواب. كالأمراء ومن جرى مجراهم حملت يمينه على ما اعتاده من ركوب الدواب.

فيفتى في كل بلد بحسب عرف أهله، ويفتي كل أحد بحسب عادته.

وكذلك إذا حلف (لا أكلت رأسا) في بلد عادتهم أكل رؤوس الضأن خاصة. لم يحنث بأكل رؤوس الطير والسمك ونحوها.

وإن كان عادتهم أكل رؤوس السمك، حنث بأكل رؤوسها.

وكذلك إذا حلف (لا اشتريت كذا) ولا بعته ولا حرثت هذه الأرض ولا زرعتها ونحو ذلك: وعادته أن لا يباشر ذلك بنفسه كالملوك وحنث قطعًا بالإذن والتوكيل فيه، فإنه نفس ما حلف عليه.

وإن كان عادته مباشرة ذلك بنفسه كآحاد الناس، فإن قصد منع نفسه من المباشرة لم يحنث بالتوكيل.

وإن قصد عدم الفعل والمنع منه جملة حنث بالتوكيل. وإن أطلق اعتبر سبب اليمين.

وعلى هذا: إذا أقرَّ الملك أو أغنى أهل البلد لرجل بمال كثير، لم يقبل تفسير بالدرهم والرغيف ونحوه مما يتمول.

فإن أقرَّ به فقير يعدُّ عنده الدرهم والرغيف كثيرًا قبل منه (١)

أما العرف الخاص: قوليًّا كان أو عمليًّا.

فالمالكية: يجيزون تخصيص النص العام بالعرف الخاص.

أما الحنفية: فلا يرون ذلك في الراجح من مذهبهم.

والمدار في ذلك على تحقق مناط التخصيص، فحيثما تحقق المناط وجب القول بوجوب التخصيص، ولا فرق إذ ذاك بين عام وخاص أو قولي وعملي.


(١) ابن القيم: إعلام الموقعين: ٢ /٦٢ و ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>