للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

حجية العرف

المبحث الأول

نطاق العرف ومجاله

رأينا فيم سبق كيف كانت عوائد البشر تشكَّل إطارًا يحكم المجتمعات الإِنسانية، وكيف نُصَّبت تلك العوائد جدارًا صلبًا يقف في وجه الشرائع التي ينزلها الله على عباده عبر رسله ومن خلال كتبه، ورأينا كيف قلّصت الشريعة سلطان العرف ودائرته عندما كانت هي الحاكمة في الديار الإِسلامية، فأبطلت العوائد المنحرفة الضالَّة، وقوَّمت الأعراف الخاطئة، وأقرَّت من العوائد والأعراف ما كان حقًّا وصوابًا.

ويمكننا أن نحدَّد الدائرة التي أذنت الشريعة الإِسلامية للمسلمين أن يرجعوا فيها إلى العرف في المجالين التاليين:

الأول: تفسير النصوص التي وردت مطلقة ولم يرد في الشرع ولا في اللغة ما يفسَّرها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا: "كل اسم ليس له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف" (١) .

ويقول السيوطي: "قال الفقهاء: ما ورد به الشرع مطلقًا، ولا ضابط له فيه، ولا في الذمَّة يُرْجع فيه إلى العرف" (٢) .

وقال الزركشي: "العادة تُحَكَّم فيما لا ضبط له شرعًا" (٣) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأسماء التي علَّق الله بها الأحكام في الكتاب والسنة منها ما يعرف حدُّه ومسمَّاه بالشرع، فقد بينه الله ورسوله كاسم الصلاة والزكاة والصيام والحجَّ والإِيمان والإسلام والكفر والنفاق.


(١) مجموع فتاوى شيخ الإِسلام: ٧ /٤٠.
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي: ص ٩٨.
(٣) المنثور في القواعد، للزركشي: ص ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>