للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٣ - وَدَاخِلٌ دُونَ التِفَاتِ السَّبَبِ … مِنْ أَصْلِهِ فَضْلًا عَنِ المُسَبَّبِ

٤٦٤ - فَقَصْدُ ذَا جَارٍ عَلَى التَّجَرُّدِ … لِيُفْرِدَ المَعْبُودَ بِالتَّعَبُّدِ

٤٦٥ - إِذِ التِفَاتُ المُحْدَثِ الوُجُودِ … ضَرْبٌ مِنَ التَّشْرِيكِ فِي التَّوْحِيدِ

٤٦٦ - وَحُكْمُ ذَا ظَاهِرُ الاِقْتِنَاصِ … مِنْ كُلِّ مَا قَدْ جَاءَ فِي الإِخْلَاصِ

وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧] وقوله سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} [الكهف: ٧] {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)} [يونس: ١٤ {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: ١٥٢] إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على هذا المعنى. فإذا تقرر هذا فإن الآخذ للأسباب من هذه الجهة آخذ لها من حيث وضعت مع التحقيق بذلك فيها. وهذا صحيح وصاحب هذا القصد متعبد لله بما تسبب به منها (١). هذا حال أهل هذه الرتبة وحكمهم.

وأما من بعدهم في الذكر - وهم أهل الرتبة الثانية، ففي بيان حالهم وحكمهم يقول الناظم: "و" منهم "داخل" في تحصيل الأسباب "دون" أي من غير "التفات" منه لـ "لسبب" أو اعتبار له "من أصله" أي من حيث إنه أمر محدث وموجد من عدم، "فضلا عن" الالتفات إلى "المسبب" الذي الالتفات إليه أبعد من الالتفات إلى السبب عادة "فقصد ذا" وهو عدم الالتفات المذكور "جار" وماض في تحصيله للأسباب "على" قصد "التجرد" من أي مقصود أو معتبر فيما يأتي ويذر من أعماله إلا الخالق - سبحانه - وذلك "ليفرد" أي من أجل أن يفرد "المعبود" - عَزَّ وَجَلَّ - "بالتعبد" بناء على أن تفريد المعبود بالعبادة أن لا يشرك معه في قصده سواه، واعتمادا على أن التشريك خروج عن خالص التوحيد بالعبادة "إذ التفات" العبد في أعماله إلى "المحدث الوجود" وقصد إليه فيها هو "ضرب" أي نوع "من التشريك في" الذي يجب له - تعالى - من خالص"التوحيد" بالعبادة "وحكم ذا" أي هذا القصد وأهله ظاهر بين الاقتناص الأخذ - يعني ظاهرا اقتناصه فيه - إضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه وهو جائز، إذا كان لازما - كما هنا - أو متعديا لواحد. ويجوز إلحاقه بالصفة المشبهة فيجوز فيما بعده الجر والنصب والرفع - فكلمة الاقتناص هذه يجوز فيها كل ذلك - واستخراجه "من كل ما قد جاء" من الأدلة "في" مدح "الإخلاص" والأمر به، ومن ذلك قوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: ٢، ٣] {فَمَنْ كَانَ


(١) انظر الأصل، الموافقات ١/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>