وزكاة وطهارة, وانها سبب للنجاة من اهوال يوم القيامة, ولتبشير العبد بالجنة, ولرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المصلى ولتذكر العبد مانسيه, ولطيب المجلس , ولنفي الفقر, وتنفي عن العبد اسم البخل اذا صلى على النبي عند ذكره, ونجاة من الدعاء عليه برغم الانف اذاتركها عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم, وانها تنجي من نتن المجلس, وانها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله, وانها سبب لوفور نور العبد على الصراط, وانها سبب لابقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلى على النبي بين أهل السماء والارض, وانها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره واسباب مصالحه, وانها سبب لنيل رحمة الله, وانها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزيادتها وتضاعفها. وذلك عقد من عقود الايمان الذي لا يتم إلا به, لان العبد كلما اكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف حبه وتزايد شوقه اليه واستولى على جميع قلبه, وإذا اعرض عن ذكره واحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه؛ ولا شيء اقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا اقر لقلبه من ذكره واحضار محاسنه, فإذا قوي هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه, وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك حتى قال بعض الشعراء في ذلك
عجبت لمن يقول ذكرت حبي ... وهل أنسى فأذكر من نسيت
فتعجب هذا المحب ممن يقول ذكرت محبوبي لان الذكر يكون بعد النسيان ولو كمل حب هذا لما نسي محبوبه
وقال آخر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
فهذا اخبر عن نفسه أن محبته لها مانع له من نسيانها
وقال آخر:
يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعا له فمن اراد منه خلاف ذلك ابت عليه طباعه أن تنتقل عنه, والمثل المشهور من احب شيئا اكثر من ذكره, وفي هذا الجناب الاشرف احق ما انشد
لو شق قلبي ففي وسطه ... ذكرك والتوحيد في سطر
فهذا قلب المؤمن توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق اليهما محو ولا ازالة (١) , ومما لاريب فيه ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لهداية الإنسان وحياة قلبه وقربه من ربه ودليل على حبه لربه ولنبيه فالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي دعاء آثر به محبوبه وسأل من ربه ان يثني على محبوبه عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم المبعوث رحمة للعالمين ويزيد في تشريفه وتكريمه ورفعه, ولاريب ان الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه, فالمصلي عليه صلى الله عليه واله وسلم
(١) - جلاء الافهام في الصلاة والسلام على خير الانام, ص (٢٦٢-٢٦٥) .