للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العقل]

العقل مناط التكليف؛ فهو هبة الله الخبير اللطيف, فأشرف ما في الإنسان عقله, وأفضل ما وهبه الله لعبده العقل, فبالعقل تحيى النفوس, وتنور القلوب, وتمضى الأمور, وتعمر الدنيا, ولو أن العقل كان شجرةً في هذه الحياة لطاب ثمارها, وفاح بالعبير أزهارها, يرحم الله المتنبي حيث يقول:

لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ ... أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ (١)

وقال آخر:

يعد عظيم القدر من كان عاقلاً ... وإن لم يكن في عقله بحسيب

وإن حل أرضاً عاش فيها بعقله ... وما عاقل في بلدةٍ بغريب (٢)

أما العلامة علي بن احمد خريصة اليمني فهو يقول:

إذا لم يكن عقل الفتى أكثر الفتى ... فأكثر ما فيه ولا شك قاتله


(١) - انظر ديوان أبي الطيب المُتَنَبّي: (٣٠٣-٣٥٤هـ/٩١٥-٩٦٥م) أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب, الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة, ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس, قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه. وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه. قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز. عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد. وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة التي مطلعها:
ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّه ... وَأُمَّهُ الطُرطُبَّه
(٢) - أورد هذين البيتين ابن أبي الدنيا في كتابه العقل وفضله ص٢٩, الطبعة الأولى, من غير نسبة إلى قائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>