للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابوالعتاهية:

أُحِبُّ مِنَ الإِخوانِ كُلَّ مُؤاتِ ... وَفِيٍّ يَغُضُّ الطَرفَ عَن عَثَراتي

يُوافِقُني في كُلِّ خَيرٍ أُريدُهُ ... وَيَحفَظُني حَيّاً وَبَعدَ وَفاتي

وَمَن لي بِهَذا لَيتَ أَنّي أَصَبتُهُ ... فَقاسَمتُهُ مالي مِنَ الحَسَناتِ

تَصَفَّحتُ إِخواني فَكانَ أَقَلُّهُم ... عَلى كَثرَةِ الإِخوانِ أَهلَ ثِقاتِ

وقال اخر:

وَكُلُّ أَخٍ يَقولُ أَنا وَفِيٌّ ... وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ

سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ ... فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ (١)

أما الشافعي رضي الله عنه فهو يقول:

إِذا لَم أَجِد خِلاً تَقِيّاً فَوِحدَتي ... أَلَذُّ وَأَشهى مِن غَوِيٍّ أُعاشِرُه

قال أبو حاتم رضي الله عنه: الواجب على العاقل إذا رزقه الله ود امرئ مسلم صحيح الوداد محافظاً عليه أن يتمسك به, ثم يوطن نفسه على صلته إن صرمه, وعلى الإقبال عليه إن صد عنه, وعلى البذل له إن حرمه, وعلى الدنو منه إذا باعده, حتى كأنه ركنٌ من أركانه, وإن من أعظم عيب المرء تلونه في الوداد, فالعاقل لا يقصر في تعهد الوداد, ولا يكون ذا لونين, وذا قلبين, بل يوافق سره علانيته, وقوله فعله, ولا خير في متآخيين ينمو بينهما الخلل ويزيد في حالهما الدغل,

قال الشاعر:

وكم من صديق وده بلسانه ... خؤون بظهر الغيب لا يتندم

يضاحكني كرهاً لكيما أوده ... وتتبعني منه إذا غبت أسهم (٢)


(١) - هذان البيتان لحسان بن ثابت.
(٢) - روضة العقلاء ص٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>