للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَهَّابُ} (١) , وهذا زكريا عليه السلام يذكرنا الله رحمته له ودعاءه لربه وستجابته له فيقول سبحانه: {كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا* قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا* فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} (٢) وهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم واصحابه يستغيثون ربهم فيستجيب لهم: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٣) وليس اجابة الدعاء من الله جل وعلا مقصور على الانبياء, فالرب العظيم مالك الملك العظيم المالك لكل شيء والقادر على كل شيء والمنعم علينا بكل شيء يقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ* اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (٤) .

[الرب في اسماء الله الحسنى]

الرب في اسماء الله الحسنى هوالخالق الرازق مالك الملك رب كل شيء ومليكه رب الاولين والاخرين, رب المشرقين ورب المغربين, رب السماوات والارض وما بينهما, رب الاخرة والاولى, رب العالمين لاشريك له في ملكه, ولا اله سواه, قال ابن الاثير: الربّ يُطْلقُ في اللُّغة على المالِك والسيد والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّم والمُنْعِم ولا يُطلَقُ غيرَ مُضاف إلاَّ عَلَى الله تعالى, وإذا أُطلِقَ على غَيره أُضِيف فيقال رَبُّ كذا (٥) . وقال ابن كثير: والرب هو: المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى.

[ولا يستعمل الرب لغير الله الا بالإضافة تقول: رب الدار, رب كذا، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل، وقد قيل: إنه الاسم الأعظم] (٦) قلت: الرب اسم من اسماء الله الحسنى الا انه لم يرد في الاسماء التسعة والتسعين التي وردت في الحديث النبوي, وورد عند مسلم من حديث العباس رضي الله عنه (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ


(١) - سورة ص الاية (٣٥) .
(٢) - سورة مريم الايات (١-١١) .
(٣) - سورة الانفال الاية (٩-١٠) .
(٤) - سورة غافر الاية (٦٠-٦٢) .
(٥) - النهاية في غريب الحديث والاثر, تأليف العلامة/ أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري, ج٢ ص٤٥٠ الناشر: المكتبة العلمية - بيروت، ١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م. تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي.
(٦) - تفسير ابن كثير, ج١ ص١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>