للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكر الحكيم يقول العزيز الرحيم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١) ويقول سبحانه وتعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢) ويقول سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (٣)

[رحمة الله واثارها]

المسلم به انه لاشيء يضر بشخصية الانسان مثل التشاؤم, فهو من اخطر الامراض التي تصيب النفس وتعصف بها, وتقعدها عن العمل, وكثيرا ما يجرها الى الهلاك, ويجعلها ترتمي في الاخطار, وتقسو على الاخرين وعلى نفسها, لان الحياة تصبح في نظرها جحيما لايطاق, ولكن النفس المؤمنة بالله المدركة لرحمة الله لايغادرها الامل, فهي تعالج مشاكل الحياة بحكمة وصبر وايمان, فهي تنظر الى اثار رحمة الله وتطلب من الله الرحمة والعون لا يصيبها خيبة ولايدركها ملل, فهناك قوة روحية تدخل في نفوس المؤمنين, تبعدها عن القنوط, وتجعلها في فرح وسرور, فرحمة الله قريبة من المؤمنين المحسنين, وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٤) وفي سورة يونس يقول العزيز الحكيم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (٥) فقد جاء القرآن الحكيم بالرحمة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (٦) ففي القرآن شفاء النفوس من اسقامها, والامها, وفي القرآن الهدى والرحمة: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (٧) ومن رحمة الله ان خلق للانسان في هذه الحياة شريك حياة يانس اليه ويعينه على بناء اسرته وتحقيق رغبته, والامتاع بلذته, وحفظ نسله, وبناء داره, واعمار ارضه, قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٨) ومن رحمة الله ان خلق الليل والنهار, وجعل في الارض انهارا وبحارا, وانبت في الارض حدائق ذات بهجة وأزهارا وثمارا, قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٩) ومن رحمة الله انه يحيي الارض بعد موتها, ويفيض على الخلائق نعما لانحصي عددها, وينزل


(١) - سورة الانبياء الاية (١٠٧) .
(٢) - سورة التوبة الاية (١٢٨) .
(٣) - سورة الفتح الاية (٢٩) .
(٤) - سورة الاعراف الاية (٥٦) .
(٥) - سورة يونس الاية (٥٨) .
(٦) - سورة يونس الاية (٥٧) .
(٧) - سورة الاسراء الاية (٨٢) .
(٨) - سورة الروم الاية (٢١) .
(٩) - سورة القصص الاية (٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>