للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ قاموا وَقالوا.... وَلَهُ حَلّوا وساروا

لَو غَدا فَوقَ الثُرَيّا ... وَلَهُم ريشٌ لَطاروا

وقال اخر:

صلى وصام لامر كان يأمله ... حتى قضاه فما صلى ولا صاما (١)

[الرياء من صفات المنافقين]

الرياء يبطل العمل, ويقطع الامل, ويدل على النفاق والكسل, فهو من صفات المنافقين, وعمل الشياطين, وقد روي عن الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه قال: للمرائي ثلاث علامات: الكسل اذا كان وحده, وينشط اذا كان في الناس, ويزيد في العمل اذا اثني عليه وينقص اذا ذم. وقال الحسن رحمه الله: لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عمله, وروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه راى رجلا يطأطئ رقبته: فقال يا صاحب الرقبة, ارفع رقبتك, ليس الخشوع في الرقاب, وانما الخشوع في القلوب (٢) . وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (٣)

[ثناء الناس بشرى وليس مما يدفع للرياء]

ان ثناء الناس على من يتقن عمله ويحسن صنعه ويتقي ربه ويحافظ على الواجبات ويعظم شعائر ربه لايحمل من اخلص في عمله لربه على الغرور, ولا يدفعه الى التقصير في عمله. قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ترك العمل لاجل الناس رياء, والعمل لاجل الناس شرك, والاخلاص ان يعافيك الله منهما. وقال عكرمة رحمه الله: ان الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله لان النية لارياء فيها. قلت الغالب ان حركات المرائي لاتشتبه على الناس والناس لايجوز لهم ان يشككوا في عبادة شخص لان مدار صحة العبادة على النية, اما الاعمال الدنيوية فان الغش فيها لايخفى على كثير من الناس, ولكن الناس لايمدحون الشخص ويثنون عليه في الغالب حتى يدركو احسانه واتقانه للعمل, قال الشاعر:

الناس اكيس من ان يمد حوا رجلا ... حتى يروا عنده اثار احسان

وقال اخر:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وان خالها تخفى على الناس تُعلم

واذا اثناء الناس على شخص يعمل الخير فتلك بشارة له ففي الحديث النبوي: (أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ) (٤) والله سبحانه وتعالى قد اثنى على المحسنين في


(١) - ورد هذا البيت في الموسوعة الشعرية واخبار القضاة لابن حيان منسوبا لسلم الخاسر.
(٢) - دليل السائلين ص٣٠٦.
(٣) - سورة النساء الاية (١٤٢) .
(٤) - مسلم في صحيحه حديث رقم (٤٧٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>