للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ -وَهُوَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (١) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ (٢)

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَة، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا: بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ (٣) لِمَنْ كَانَ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْرًا (٤) وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ -وَلَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ سَأَلَ الشَّفَاعَةَ، وَإِنِّي قَدِ اخْتَبَأْتُ شَفَاعَتِي، ثُمَّ جَعَلْتُهَا لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا" (٥)

وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ أَرَهُمْ خَرَّجُوهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ (٦) جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قبلي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٧) يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (٨)

وَقَوْلُهُ: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ} صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى، فِي قَوْلِهِ (٩) {رَسُولُ اللَّهِ} أَيْ: الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، الَّذِي بِيَدِهِ الْمَلِكُ وَالْإِحْيَاءُ وَالْإِمَاتَةُ، وَلَهُ الْحُكْمُ.

وَقَوْلُهُ: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ} أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، {النَّبِيِّ الأمِّيِّ} أَيْ: الَّذِي وُعِدْتُمْ بِهِ وَبُشِّرْتُمْ بِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُ مَنْعُوتٌ بِذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} أَيْ: يُصَدِّقُ قَوْلَهُ عَمَلُهُ، وَهُوَ يُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ {وَاتَّبِعُوهُ} أَيْ: اسْلُكُوا طَرِيقَهُ وَاقْتَفُوا أَثَرَهُ، {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أَيْ: إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ مِنْهُمْ طَائِفَةً يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ وَيَعْدِلُونَ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آلِ عِمْرَانَ:١١٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آلِ عِمْرَانَ:١٩٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] (١٠) } [القصص:٥٢-٥٤] ،


(١) في ك: "عن النبي".
(٢) المسند (٢/٣٥٠) .
(٣) في أ: "ولم تحل لأحد".
(٤) في ك: "مسيرة شهر".
(٥) المسند (٤/٤١٦) وقال الهيثمي في المجمع (٨/٢٥٨) : "رجاله رجال الصحيح".
(٦) في ك، م، أ: "رواية".
(٧) زيادة من أ.
(٨) صحيح البخاري برقم (٣٣٥) وصحيح مسلم برقم (٥٢١) .
(٩) في ك: "قول".
(١٠) زيادة من م، وفي هـ: "الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>