للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّصْرَانِيَّةِ، فَيَأْبَى (١) ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ، ثُمَّ أَمَرَ بِقِدْر. وَفِي رِوَايَةٍ: بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ، فَأُحْمِيَتْ، وَجَاءَ بِأَسِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَلْقَاهُ وَهُوَ يَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ عِظَامٌ تَلُوحُ. وَعَرَضَ عَلَيْهِ فَأَبَى، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيهَا، فَرُفِعَ فِي البَكَرَة لِيُلْقَى فِيهَا، فَبَكَى فَطَمِعَ فِيهِ وَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي إِنَّمَا بَكَيْتُ لِأَنَّ نَفْسِي إِنَّمَا هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، تُلْقى فِي هَذِهِ الْقِدْرِ السَّاعَةَ فِي اللَّهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ لِي بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِي نَفْسٌ تُعَذَّبُ هَذَا الْعَذَابَ فِي اللَّهِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَنَّهُ سَجَنَهُ وَمَنَعَ عَنْهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِخَمْرٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ، فَلَمْ يَقْرَبْهُ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْكُلَ؟ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ حَلَّ لِي، وَلَكِنْ لَمْ أَكُنْ لِأُشَمِّتَكَ فِيَّ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: فَقَبِّلْ رَأْسِي وَأَنَا أُطْلِقُكَ. فَقَالَ: وَتُطْلِقُ مَعِي جَمِيعَ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، فَأَطْلَقَهُ وَأَطْلَقَ مَعَهُ جَمِيعَ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: حَقّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ، وَأَنَا أَبْدَأُ. فَقَامَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ (٢) .

{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) }


(١) في ف: "فأبي".
(٢) تاريخ دمشق (٩/١١٦ "المخطوط") .

<<  <  ج: ص:  >  >>