للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس -في رواية عنه (١) -: (فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) أي بسماع الأوتار.

وقال أبو حاتم: لعله غلط من المستمع، وإنما هو افتضاض الأبكار.

وقوله: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ) قال مجاهد: وحلائلهم (فِي ظِلالٍ) أي: في ظلال الأشجار (عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ).

قال ابن عباس، ومجاهد وعكرمة، ومحمد بن كعب، والحسن، وقتادة، والسُّدِّيّ، وخُصَيْف (٢): (الأرَائِكِ) هي السرر تحت الحجال.

قلت: نظيره في الدنيا هذه التخوت (٣) تحت البشاخين، والله أعلم.

وقوله: (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ) أي: من جميع أنواعها، (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) أي: مهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذ.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، حدثنا محمد بن مهاجر، عن الضحاك المَعَافري، عن سليمان (٤) بن موسى، حدثني كُرَيْب؛ أنه سمع أسامة بن زيد يقول (٥) قال رسول الله : "ألا هل مُشَمِّر إلى الجنة؟ فإن الجنة لا خَطر لها هي -ورب الكعبة-نور كلها يتلألأ وريحانة تهتز، وقصر مَشيد، ونهر مُطَّرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد، في دار سلامة، وفاكهة خضرة وحَبْرَة ونعمة، ومحلة عالية بَهيَّة". قالوا: نعم يا رسول الله، نحن المشمرون لها. قال: "قولوا: إن شاء الله". قال القوم: إن شاء الله.

وكذا رواه ابن ماجه في "كتاب الزهد" من سننه، من حديث الوليد بن مسلم، عن محمد بن مُهَاجر، به. (٦)

وقوله: (سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) قال ابن جريج: قال ابن عباس في قوله: (سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) فإن الله نفسه سلام على أهل الجنة.

وهذا الذي قاله ابن عباس كقوله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤]

وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا، وفي إسناده نظر، فإنه قال: حدثنا موسى بن يوسف، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا أبو عاصم العَبَّاداني، حدثنا الفضل الرَّقاشيّ، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد الله، ، قال: قال رسول الله : "بينا أهل الجنة في نعيمهم، إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة. فذلك قوله: (سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) ". قال: "فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه، حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم".


(١) في ت: "وفي رواية عن ابن عباس".
(٢) في ت: "ومحمد بن كعب وغيرهم".
(٣) في أ: "النحوت".
(٤) في أ: "سليم".
(٥) في ت: "روى ابن أبي حاتم عن أسامة بن زيد قال".
(٦) سنن ابن ماجه برقم (٤٣٣٢) وقال البوصيري في الزوائد (٣/ ٣٢٥): "هذا إسناد فيه مقال، الضحاك المعافري ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في طبقات التهذيب: مجهول وسليمان الأموى مختلف فيه وباقي رجال الإسناد ثقات".