للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَكُمْ" (١) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ (٢) . وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا" الْحَدِيثَ (٣) .

قَالَ (٤) ابْنُ جَرِيرٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ وَالسَّقَمَ رجْز عُذِّب بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ" (٥) . وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ مخرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدِر، وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، بِنَحْوِهِ (٦) .

{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠) }

يَقُولُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فِي إِجَابَتِي لِنَبِيِّكُمْ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ اسْتَسْقَانِي لَكُمْ، وَتَيْسِيرِي لَكُمُ الْمَاءَ، وَإِخْرَاجَهُ لَكُمْ مِنْ حَجَر يُحمل مَعَكُمْ، وَتَفْجِيرِي الْمَاءَ لَكُمْ مِنْهُ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِكُمُ عَيْنٌ قَدْ عَرَفُوهَا، فَكُلُوا مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وَاشْرَبُوا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَنْبَعْتُهُ لَكُمْ بِلَا سَعْيٍ مِنْكُمْ وَلَا كَدٍّ، وَاعْبُدُوا الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ ذَلِكَ. {وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ} وَلَا تُقَابِلُوا النِّعَمَ بِالْعِصْيَانِ فَتُسْلَبُوهَا. وَقَدْ بَسَطَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي كَلَامِهِمْ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وجُعِل بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ حَجَرٌ مربَّع وَأُمِرَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ ثَلَاثُ (٧) عُيُونٍ، وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمْ، يَشْرَبُونَ مِنْهَا لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَة إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ مَعَهُمْ (٨) بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ.

وَهَذَا قِطْعَةٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ حَدِيثُ الْفُتُونِ الطَّوِيلُ (٩) .

وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: وجُعل لَهُمْ حَجَرٌ مِثْلُ رَأْسِ الثَّوْرِ يُحْمَلُ عَلَى ثَوْرٍ، فَإِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا وَضَعُوهُ فَضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، فَإِذَا سَارُوا حَمَلُوهُ عَلَى ثور، فاستمسك الماء.


(١) تفسير ابن أبي حاتم (١/١٨٦) .
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (٧٥٢٣) .
(٣) صحيح البخاري برقم (٥٧٢٨) وصحيح مسلم برقم (٢٢١٨) .
(٤) في جـ: "وقال".
(٥) تفسير الطبري (٢/١١٦) .
(٦) صحيح البخاري برقم (٣٤٧٣، ٦٩٧٤) وصحيح مسلم برقم (٢٢١٨) .
(٧) في جـ: "ثلاثة".
(٨) في جـ: "ذلك منهم".
(٩) سيأتي بطوله في تفسير سورة طه.

<<  <  ج: ص:  >  >>