للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، نَحْوَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.

قُلْتُ: وَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ.

قُلْتُ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْحَجَّارُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بْنِ اللَّتي (١) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيب السَّجْزيّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَية السرَخسِيّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عُمَر بْنِ عِمْرَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ بِجَمِيعِ مُسْنَدِهِ (٢) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ... فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَتَسَلْسَلَ لَنَا قِرَاءَتُهَا إِلَى شَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ الْحَجَّارِ، وَلَمْ يَقْرَأْهَا، لِأَنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا، وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَلْقِينِهَا إِيَّاهُ. وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنَجَّا بْنُ اللَّتي (٣) فَذَكَرَهَ بِإِسْنَادِهِ، وتَسلل (٤) لِي مِنْ طَرِيقَةٍ، وَقَرَأَهَا عَلَيَّ بِكَمَالِهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤) }

تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} غَيْرَ مَرَّةٍ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} ؟ إِنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَعد عدَةً، أَوْ يَقُولُ قَوْلًا لَا يَفِي بِهِ، وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ غُرم لِلْمَوْعُودِ أَمْ لَا. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا مِنَ السُّنَّةِ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّث كَذَبَ، إِذَا وَعَد أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" (٥) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَة مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعها" (٦) -فَذَكَرَ مِنْهُنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ. وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فِي أَوَّلِ "شَرْحِ الْبُخَارِيِّ"، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَلِهَذَا أَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}


(١) في أ: "الليثي".
(٢) في أ: "سنده".
(٣) في أ: "الليثي".
(٤) في أ: "وتسلسل".
(٥) صحيح البخاري برقم (٣٣) وصحيح مسلم برقم (٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) صحيح البخاري برقم (٣٤) وصحيح مسلم برقم (٥٨) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>