للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفْسِيرُ سُورَةِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

ذِكْرُ حَدِيثٍ غَرِيبٍ فِي فَضْلِهَا: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ "الْخِلَافِيَّاتِ": حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيد اللَّهِ النَّرْسِيُّ (١) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [بْنِ] (٢) أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِسَبْعِ خِلَالٍ: أَنِّي مِنْهُمْ (٣) وَأَنَّ النُّبُوَّةَ فِيهِمْ، وَالْحِجَابَةَ، وَالسِّقَايَةَ فِيهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ نَصَرَهُمْ عَلَى الْفِيلِ، وَأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، عَشْرَ سِنِينَ لَا يَعْبُدُهُ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ" ثُمَّ تَلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ". (٤)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{لإيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤) }

هَذِهِ السُّورَةُ مَفْصُولَةٌ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ، كَتَبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَا قَبْلَهَا. كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُمَا: حَبَسْنَا عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَأَهْلَكْنَا أَهْلَهُ {لإيلافِ قُرَيْشٍ} أَيْ: لِائْتِلَافِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي بَلَدِهِمْ آمِنِينَ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا كَانُوا يَأْلَفُونَهُ مِنَ الرِّحْلَةِ فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ، وَفِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ فِي الْمَتَاجِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى بَلَدِهِمْ آمِنِينَ فِي أَسْفَارِهِمْ؛ لِعَظَمَتِهِمْ عِنْدَ النَّاسِ، لِكَوْنِهِمْ سُكَّانَ حَرَمِ اللَّهِ، فَمَنْ عَرَفهم احْتَرَمَهُمْ، بَلْ مَنْ صُوفِيَ إِلَيْهِمْ وَسَارَ مَعَهُمْ أَمِنَ بِهِمْ. هَذَا (٥) حَالُهُمْ فِي أَسْفَارِهِمْ وَرِحْلَتِهِمْ فِي شِتَائِهِمْ وَصَيْفِهِمْ. وَأَمَّا فِي حَالِ إِقَامَتِهِمْ فِي الْبَلَدِ، فَكَمَا قَالَ اللَّهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [الْعَنْكَبُوتِ:٦٧] وَلِهَذَا قَالَ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَمُفَسِّرٌ لَهُ. ولهذا قال: {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}


(١) في م، أ، هـ: "الزينبي" وهو خطأ.
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في أ: "أني فيهم".
(٤) ورواه البيهقي في مناقب الشافعي (١/٣٤) وهو في المستدرك (٢/٥٣٦) وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي فقال: "فيه يعقوب بن محمد الزهري ضعيف، وإبراهيم صاحب مناكير هذا أنكرها" وقد حسن الحافظ العراقي هذا الحديث. وللشيخ ناصر الدين الألباني مبحث حول هذا الحديث في السلسلة الصحيحة برقم (١٩٤٤) ذهب إلى تحسينه، والله أعلم.
(٥) في م: "وهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>