للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا " قَالَ ابْنُ جُريج، عَنْ عَطَاءٍ {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} أَخْرِجْهَا لَنَا، عَلِّمْنَاها (١) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} مَذَابِحَنَا. ورُوى عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا، وَقَتَادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصيف، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "أَرِنَا مَنَاسِكَنَا" فَأَتَاهُ جِبْرَائِيلُ، فَأَتَى بِهِ الْبَيْتَ، فَقَالَ: ارْفَعِ الْقَوَاعِدَ. فَرَفَعَ الْقَوَاعِدَ وَأَتَمَّ الْبُنْيَانَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الصَّفَا، قَالَ: هَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْمَرْوَةِ، فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ؟. ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ نَحْوَ (٢) مِنًى، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَقَبَةِ إِذَا إِبْلِيسُ قَائِمٌ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: كَبِّر وَارْمِهِ. فَكَبَّرَ وَرَمَاهُ. ثُمَّ انْطَلَقَ (٣) إِبْلِيسُ فَقَامَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى، فَلَمَّا جَازَ بِهِ (٤) جِبْرِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ قَالَ لَهُ: كَبِّرْ وَارْمِهِ. فَكَبَّرَ وَرَمَاهُ. فَذَهَبَ إِبْلِيسُ وَكَانَ الْخَبِيثُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِل فِي الْحَجِّ شَيْئًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَخَذَ بِيَدِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ. فَأَخَذَ بِيَدِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَاتٍ. قَالَ: قَدْ عَرَفْتَ مَا أَرَيْتُكَ؟ قَالَهَا: ثَلَاثُ مِرَارٍ. قَالَ: نَعَمْ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مِجْلز وَقَتَادَةَ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَاصِمِ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أريَ أَوَامِرَ الْمَنَاسِكِ، عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى، فَسَابَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى (٥) بِهِ مِنًى، فَقَالَ: مُنَاخ النَّاسِ هَذَا. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ تَعَرَّضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَةَ الْقُصْوَى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، فَأَتَى بِهِ جَمْعًا. فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ. ثُمَّ أَتَى بِهِ عَرَفَةَ. فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَةُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَعَرَفْتَ؟ (٦) .

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) }

يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ تَمَامِ دَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ -أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ، أَيْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ. وَقَدْ وَافَقَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ قَدَرَ اللَّهِ السَّابِقَ فِي تَعْيِينِ مُحَمَّدٍ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (٧) -رَسُولًا فِي الْأُمِّيِّينَ إِلَيْهِمْ، إِلَى سَائِرِ الْأَعْجَمِينِ، مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيد الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني عند الله لخاتم


(١) في جـ، ط: "وعلمناها".
(٢) في أ: "إلى".
(٣) في جـ: "فانطلق".
(٤) في أ: "فلما حاذاه"، وفي و: "فلما حاذى به".
(٥) في جـ، ط: "حتى أراه".
(٦) مسند الطيالسي برقم (٢٦٩٧) .
(٧) في جـ: "صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>