للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد الحرام ونهب بيوت مكة، وإقدامهم على اقتلاع الحجر الأسود وأخذه معهم إلى هجر، وقد ذكر الشيخ الغازى في إفادة الأنام أن القرمطى ذهب بالحجر الأسود وعلَّقه على الاسطوانة السابعة من جامع الكوفة، وأنه استمر عنده إلى أن اشتراه المطيع لله أو المقتدر العباسى بثلاثين ألف دينار، وأعيد إلى مكانه سنة تسع وثلاثين وثلاثماثة (١).

أقول القرمطي كان يسكن هجر وأن الخبر الذى أورده الشيخ الغازى يذكر أن القرمطي علَّق الحجر على الاسطوانة السابعة من جامع الكوفة، وأن الحجر استمر عند القرامطة اثنين وعشرين عاما حتى أعيد إلى مكة بعد أن اشتراه الخليفة المقتدر العباسى بثلاثين ألف دينار، ولو أن الحجر علِّقَ في جامع الكوفة لما احتاج الخليفة العباسى إلى شرائه، فالكوفة كانت في حكم الخلفاء العباسيين في ذلك الزمان، ولما استمر الحجر مغيبًا عن مكة وعن مكانه من البيت المعظم طيلة اثنين وعشرين سنة والأقرب إلى المعقول أن يكون الحجر قد بقي لدى القرامطة في هجر في السنوات التي غيب فيها عن مكة إلى أن أعيد إليها وقد ذكر الغازى بعد ذلك أن أبو طاهر القرمطى بنى دارا في هجر سماها دار الهجرة، أراد أن ينقل الحج إليها، وهذا الخبر يدل على بقاء الحجر في هجر، وقد فصلنا البحث في هذا الموضوع في الجزء الثاني من أعلام الحجاز كما سبقت الإشارة، فليرجع إليه من شاء الاستزاده.

[تطويق الحجر الأسود]

كنت ذكرت في الجزء الثاني من أعلام الحجاز أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه لما قام ببناء الكعبة وجد أن الحجر الأسود انقسم إلى ثلاثة شظايا من تأثير الحريق الذى وقع في الكعبة فشدَّ ابن الزبير الشظيتين اللتين وجدهما من الحجر بالفضة، أما الشظية الثالثة فقد بقيت عند بعض آل شيبة دهرا (٢).

وقد ذكر الشيخ/ عبد الله الغازى ما جدَّ بعد ذلك من أعمال الخلفاء والسلاطين في الحجر الأسود فرأيت إيراده إكمالا للموضوع.

[هارون الرشيد يطوق الحجر بالفضة]

ثم كانت الفضة التي صنعها ابن الزبير للحجر قد رثت وتزعزعت حول الحجر الأسود، حتى خافوا على الركن أن ينقض، فلما اعتمر أمير المؤمنين هارون الرشيد في سنة تسعة وثفينين ومائة أمر بالحجارة التي بينها الحجر الأسود فنقبت بالألماس من فوقها، ومن تحتها، ثم أفرغ فيها الفضة وبقى الحجر كذلك إلى أن قلعه القرامطة، ولما أعيد الحجر في خلافة المطيع - الصحة في خلافة المتقدر العباسى - جعل له طوق ثم جدد مرارا.


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٤٩٥ وانظر الجزء الثاني من أعلام الحجاز ص ٨٠/ ٨٤
(٢) انظر تفصيل ذلك في أعلام الحجاز ٢ ص ٦٥/ ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>