وهذا القول – فيما يظهر لي – أظهر، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما استسقى هذا الاستسقاء العام الذي يخرج به الناس إلى المصليات ويستغيثون بالله عز وجل – إنما فعله حيث وقع الجدب في المدينة واحتاج الناس إلى المطر. وأما كون المسلم يعين أخاه المسلم بدعوته فإن ذلك بمطلق الدعاء فيستحب له أن يدعو له في صلاته وفي سائر أوقات الإجابة ونحو ذلك – من غير أن يكون هذا على الهيئة المشروعة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأظهرها حيث كان الجدب بالمدينة.
فينبغي أن يكون ذلك مختصاً حيث وقع الجدب بأهل البلد أنفسهم، أما إن وقع في غيرهم فإنهم يسألون الله لغيرهم سؤالاً مطلقاً من غير أن يكون مختصاً بهذه الطريقة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مسألة: متى يعيد رداءه ويرجعه كما كان، بعد قلبه؟
الظاهر أنه يرجعه على هيئته بعد خلعه، فكون النبي صلى الله عليه وسلم يطلق ولم يرد أنه قد أرجعه فيبقى على هذا. لكن بعض الألبسة لا يصلح قلبها كالفراء فحينئذ يكتفي بقلب عمامته، وإنما يقلب ما كان ظاهره قريباً من باطنه، وإنما يقلب الأشياء الظاهرة أما الباطنة فلا.
وأنواع الاستسقاء:
الأول: في خطبة الجمعة كما ثبت في الصحيحين من حديث أنس وغيره: (أتى رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع يديه وقال: (اللهم أغثنا) ثلاثاً) .
الثاني: في الصلاة كما تقدم.
الدعاء بلا صلاة، كما يدل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتى إليه نساء بواكي فقال:(اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً) الحديث.
والحمد لله رب العالمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:(وينادى لها: الصلاةُ جامعة)
ويصح " الصلاةَ جامعة "، فينادى لصلاة الاستسقاء كما ينادى لصلاة الكسوف بقول:" الصلاة جامعة " – هذا هو المشهور في المذهب.