للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أنها فرض كفاية، وقال: " إن ظاهر النصوص تدل على وجوبها ".

لكن ذكر النووي الإجماع على نفي الوجوب، وتعقبه ابن حجر بأن الوجوب المنفي إنما هو الوجوب على الأعيان، وأما وجوب الكفاية فليس بمنفي، وقد بوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه: " باب: وجوب عيادة المريض ".

وهذا القول هو الراجح، وأن عيادة المريض واجبة لكن ليس على الأعيان بل على الكفاية.

فإن قيل قوله صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم) ظاهره أن ذلك على الأعيان؟

فالجواب: قد وجد الصارف، فقد ثبت في البخاري عن ابن عمر قال: (كنا جلوساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى رجل من الأنصار فسلم ثم أدبر الأنصاري فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا أخا الأنصار كيف أخي سعد بن عبادة؟ فقال: صالح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يعوده منكم؟) (١)

فهنا: كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من حضر من أصحابه كل واحد منهم بعينه بالذهاب إلى عيادة سعد دليل على أنها ليست فرضاً على الأعيان.

فالراجح ما اختاره شيخ الإسلام من أن عيادة المريض فرض كفاية، فإذا مرض المسلم وجب على من علم حاله من المسلمين ممن تقوم بهم كفاية جبره وتعزيته في مصابه من المرض وتقوية قلبه أن يعودوه.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي [٦ / ٢٢٦] ، كتاب الجنائز، باب (٧) في عيادة المريض (٩٢٥) . لم أجده في باب عيادة المريض من صحيح البخاري.