للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الحنابلة: أنها شرط، لحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) .

وذهب الشافعية إلى أن النية ليست بشرط، لكن يشترط ألا ينوي غير نسكه. فإن نوى غير النسك لم يجزئه ذلك كأن يطوف حول البيت بقصد البحث عن أحد من الناس أو نحو ذلك فإنه هنا قد نوى البحث عن هذا الشخص بغير نية للطواف أصلاً أو نية منافية للطواف.

واستدلوا: بأن الحج كالصلاة فكما أن الصلاة تكفي نيتها لركوعها وسجودها وقيامها وقعودها فلا يشترط أن يجدد نية لكل ركن من أركانها، فكذلك الحج يكتفي بنيته أي بنية الحج - وهو الدخول في النسك تكفي - عن الطواف والوقوف بعرفة والسعي ونحو ذلك من المناسك.

وهذا القول هو الراجح وهو مذهب أكثر العلماء فكما أن الصلاة تكفي نيتها عن نية أفعالها التي أجزاء منها فكذلك الحج فإن نيته وهي نية الدخول في الإحرام تكفي عن أفعال الحج.

وبدليل أن أهل العلم أجمعوا على أن الواقف بعرفة الناسي يجزئه وقوفه فكذلك هنا.

وتفريق من فرّق بين الوقوف بعرفة وبين الطواف: بأن الوقوف بعرفة مجرد مكث وأما الطواف ففعل، فهو تفريق غير مؤثر لأن الوقوف بعرفة وإن كان مجرد مكث فهو عبادة من العبادات والعبادات لا تصح إلا بنية وإن كانت مجرد مكث.

فعلى ذلك: الصحيح ما ذهب إليه أكثر العلماء من أن أفعال النسك. " وأفعال الحج والعمرة " ومن ذلك الطواف لكن بشرط أن [لعل الصواب: ألاّ] ينوي غير نسكه، فإن نوى غير النسك كأن يطوف باحثاً عن غريم أو شخص أو نحوه فإنه لا يجزئه ذلك. فالطواف نية الحج تكفي عنه ولا نقول: إنه لا يحتاج إلى نية أصلاً.

قال: (أو نسكه) (١)


(١) قال في الشرح الممتع [٧ / ٢٨٩] : " أو نسُكَهُ: أي أو لم ينو نسكه لم يصح ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>