للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النوع الثالث: توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته. وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:

الأول: تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم؛ كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ١.

والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه؛ أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله؛ كما قال بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} : {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ٢، مع قطع الطمع عن إدراك كيفيَّة الاتصاف، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} ٣، وقد قدمنا هذا المبحث مستوفى موضحاً بالآيات القرآنية في سورة الأعراف.

ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جلَّ وعلا على وجوب توحيده في عبادته؛ ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبيَّة باستفهام التقرير. فإذا أقرُّوا بربوبيته احتج بها عليهم على أنَّه هو المستحق لأنْ يعبد وحده. ووبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنَّه هو الربّ وحده؛ لأنَّ من اعترف بأنَّه الرب وحده لزمه الاعتراف بأنَّه هو المستحق لأن يُعبد وحده.

ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قُلْ مَن يَّرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَّمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} ٤ إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللهُ} : فلما أقروا بربوبيته


١ سورة الشورى، الآية ١١.
٢ سورة الشورى، الآية ١١.
٣ سورة طه، الآية ١١٠.
٤ سورة يونس، ٣١.

<<  <   >  >>