للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد نقلت كلامه بطوله لأهميته، وقد نبَّه فيه رحمه الله إلى أنَّ أقسام التوحيد الثلاثة مأخوذة بالاستقراء لنصوص القرآن الكريم، وبهذا يعلم أن هذا التقسيم من الحقائق الشرعية المستمدة من كتاب الله تعالى، وليس أمراً اصطلاحياً أنشأه بعض العلماء١.


١ وبهذا يعلم فساد ما قرره مؤلف كتاب "الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر" د. صلاح الصاوي حيث يقول (ص:١٥٤) : "فإنَّ هذا التقسيم اصطلاحي، الهدف منه تقريب القضية وتنظيم دراستها، كما اصطلح أهل العلم على أسماء اصطلاحية للعلوم ... وعلى هذا فلا مشاحة في الاصطلاح، وليست هناك حدود فاصلة بين ما يدخل في توحيد الربوبية، وبين ما يدخل في توحيد الألوهية، وبين ما يدخل في توحيد الأسماء والصفات، بل إنَّ هذا التقسيم ابتداءً على هذا النحو لم يرد به فيما نعلم آية محكمة أو سنَّة متبعة، والعبرة كما يقولون بالمقاصد والمعاني، وليس بالألفاظ والمباني، هذا وإن كان تتابع أهل العلم على استخدام هذا التقسيم واستقراره عبر قرون طويلة يجعله جزءاً من التراث السلفي، فينبغي قبوله على أن لا يكون في ذاته معقد ولاء وبراء".
فجعل أصلحه الله هذا التقسيم تقسيماً اصطلاحياً، وليس حقيقة شرعية مأخوذة بالتتبع والاستقراء لنصوص الكتاب والسنة، بل تمادى في الباطل عند ما قال: "وليست هناك حدود فاصلة بين ما يدخل في توحيد الربوبية، وبين ما يدخل في توحيد الألوهية، وبين ما يدخل في توحيد الأسماء والصفات".
وإني لأعجب غاية العجب كيف يقول هذا من يتصدى لتوجيه مسيرة العمل الإسلامي المعاصر، مع أنَّه في نفسه كما يصرح هنا لا يعرف حدوداً فاصلة بين أنواع التوحيد الثلاثة. وأيّ جناية على مسيرة العمل الإسلامي أشدّ من أن ينشر بين أهل الإسلام أنَّ أقسام التوحيد ليست من الثوابت، وليست من الأمور التي يعقد عليها الولاء والبراء، وأنَّها لم يرد بها آية محكمة أو سنَّة متبعة، وأنَّه ليس هناك حدود فاصلة بين هذه الأقسام، وأنَّها أمور اصطلح عليها بعض أهل العلم ولا مشاحة في الاصطلاح.
أليس في هذا خلخلة للصف وتوهين للاعتقاد وتقليل من شأن التوحيد فالله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وفي الكتاب المذكور أخطاء عديدة من هذا الجنس ليس هذا موطن بيانها.

<<  <   >  >>