النص الأول: للإمام أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري المتوفى سنة ٣٨٧هـ.
فقد قال رحمه الله في كتابه "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة" ما نصه: " ... وذلك أنَّ أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يعتقد العبد ربانيته ليكون بذلك مبايناً لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعاً.
والثاني: أن يعتقد وحدانيته ليكون مبايناً بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.
والثالث: أن يعتقده موصوفاً بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفاً بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه.
إذ قد علمنا أنَّ كثيراً ممن يقر به ويوحده بالقول المطلق قد يلحد في صفاته فيكون إلحاده في صفاته قادحاً في توحيده.
ولأنَّا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة من هذه الثلاث والإيمان بها.
فأمَّا دعاؤه إياهم إلى الإقرار بربانيته ووحدانيته فلسنا نذكر هذا هاهنا لطوله وسعة الكلام فيه، ولأنَّ الجهمي يدعي لنفسه الإقرار بهما وإن كان جحده للصفات قد أبطل دعواه لهما ... "١.
ثم أخذ يورد ما يدل على بطلان قول الجهمية في نفي الصفات. فهذا نص
١ الإبانة لابن بطة (٦٩٣٦٩٤) من النسخة الخطية، وفي مختصره (ق ١٥٠) .