للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسط الكلام عليه شيخنا في "البذل" (١)، وهذا العبد في هامش "اللامع" فارجع إليه لو شئت، وفيه: والذي اختاره الشيخ الكَنكَوهي في "الكوكب" هو الذي اختاره شيخ المشايخ في "تراجمه" (٢)، إذ قال: ذكر المفسرون في هذه القصة أنه جرى على لسانه - صلى الله عليه وسلم - من قبل الشيطان الكلمات المشهورة، فلذلك سجد المشركون معه حيث زعموا أنه لا اختلاف بعد ذلك بيننا وبينهم؛ لأنه يثني على آلهتنا، لكن لا أصل لهذه القصة عند المحدثين، بل الحق أن هذه الكلمات ما جرت على لسانه - صلى الله عليه وسلم -، والقصة موضوعة كما قال الذهبي وغيره من المحدثين، وكيف يظن مثل هذا بأكرم الرسل خير المخلوقات أنه تسلَّط عليه الشيطان، حاشا جنابه عن نسبة أمثال هذه الواهيات، ثم حاشا هذا، وقد قال الله تعالى في حق عامة الصلحاء: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢]، فما ظنك بسيد البشر والشفيع المشفع يوم المحشر الذي أقسم الله بعمره فقال: "لعمرك يا حبيبي"، بل الحق أن المشركين إنما سجدوا لغلبة جلاله وجبروته. . . إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع".

[(٦ - باب من قرأ السجدة ولم يسجد)]

قال الحافظ (٣): يشير بذلك إلى الرد على من احتج بحديث الباب على أن المفصَّل لا سجود فيه كالمالكية، أو أن النجم بخصوصها لا سجود فيها كأبي ثور؛ لأن ترك السجود فيها لا يدل على تركه مطلقًا لاحتمال أنه كان إذ ذاك بلا وضوء، أو لكون الوقت وقت كراهة، أو ترك لبيان الجواز، وبه جزم الشافعي، انتهى.

وعلى هذا فتكون الترجمة شارحة بأن عدم سجوده - صلى الله عليه وسلم - كان لعارض، وأيضًا فيه تأييد لظاهر الرواية عن الحنفية أن وجوبها على التراخي، ورواية


(١) "بذل المجهود" (٦/ ٧١ - ٧٤)، و"لامع الدراري" (٤/ ٢١١).
(٢) (ص ٣٠١).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>