للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان خطأ فمني ومن شيطان، والإمام البخاري منه بريء، وهو: أن مقصود الإمام البخاري بالترجمة الأولى هو الذي اختارته الشرَّاح، نبَّه الإمام بها على أن الصبيان لا يحتاجون إلى صف مستقل في الصلاة على الجنازة بخلاف الصلاة المكتوبة؛ لقلة حضورهم في الجنائز بخلاف المكتوبات، وأما الغرض من الترجمة الثانية فهو أن الثابت في الحديث صلاة الصبيان مع الرجال، فلا تكفي صلاتهم بدون الرجال لإسقاط فرض الكفاية.

والمسألة خلافية كما بحثها ابن عابدين، وحكى عن المحقق ابن أمير حاج: أن سقوطها بفعل الصبي المميز هو الأصح عند الشافعية، قال: ولا يحضرني هذا منقولًا فيما وقفت عليه من كتبنا، وظاهر أصول المذهب عدم السقوط، قال ابن عابدين (١): حاصله أنها لا تسقط عن البالغين بفعله، وإن صلاته وإن صحت لنفسه لا تقع فرضًا، وعليه فلو صلى وحده لا يسقط الفرض عنهم، انتهى.

وفي "الروض" من فروع الحنابلة: وتسقط بمكلف وتسن جماعة، انتهى.

والظاهر عندي أن البخاري مال في هذه المسألة إلى قول أحمد، وإليه أشار بالترجمة حيث قال: صلاة الصبيان مع الرجال، وعلى هذا فالفرق بين الترجمتين واضح، انتهى من هامش "اللامع".

(٥٦ - باب سُنَّة الصلاة على الجنازة)

وما يظهر من الشروح أنهم اختلفوا في غرض الترجمة على قولين:

الأول: ما قال الحافظ: قال ابن المنيِّر (٢): المراد بالسُّنَّة ما شرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، يعني: فهو أعم من الواجب والمندوب، ومراده بما ذكره


(١) "رد المحتار على الدر المختار" (٣/ ١٠٤).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>