للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والعجب من الحافظ أنه عزا حديث جابر بن سمرة المذكور إلى أصحاب السنن وهو موجود في آخر "كتاب الجنائز" من "صحيح مسلم"، قال العيني (١): قال ابن بطال في قوله: "من قتل نفسه بحديدة" أجمع الفقهاء وأهل السُّنَّة على أن من قتل نفسه أنه لا يخرج بذلك من الإسلام، وأنه يصلى عليه وإثمه عليه، كما قال مالك، ولم يكره الصلاة عليه إلا عمر بن عبد العزيز والأوزاعي، قال العيني: قال أبو يوسف: لا يصلى على قاتل نفسه، وعند أبي حنيفة ومحمد: يصلى عليه، انتهى.

قال النووي (٢): وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليه بنفسه زجرًا للناس عن مثل فعله، وصلَّت عليه الصحابة، وهذا كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في أول الأمر على من عليه دينٌ زجرًا لهم عن التساهل في الاستدانة، وأمر أصحابه بالصلاة عليه، فقال: "صلوا على صاحبكم"، انتهى.

قلت: ويؤيد مذهب الجمهور ما تقدم من رواية النسائي: "أما أنا فلا أصلي".

[(٨٤ - باب ما يكره من الصلاة على المنافقين. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع (٣): فمن علم منه الشرك والكفر لم يجز له الاستغفار، ومن لم يعلم منه جاز ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - استغفر له مع العلم بنفاقه لعدم نزول النهي الصريح بعد، انتهى.

قال الحافظ (٤): قال الزين ابن المنيِّر: عدل عن قوله: كراهة الصلاة على المنافقين لينبه على [أن] الامتناع من طلب المغفرة لمن لا يستحقها، لا من جهة العبادة الواقعة من صورة الصلاة، فقد تكون العبادة طاعة من وجه معصية من وجه، والله أعلم.


(١) "عمدة القاري" (٦/ ٢٦٢).
(٢) "المنهاج" (٧/ ٤٧).
(٣) "لامع الدراري" (٤/ ٣٨٩).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>