للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: واختلف شرَّاح البخاري في نقل المذاهب ها هنا، والعجب من العلامة العيني إذ حكى الجواز عن الشافعي فقط، بخلاف سائر العلماء، فحكى الحافظ جواز الإحرام المبهم عن الجمهور خلافًا للمالكية والكوفيين، والصواب أن الإحرام المبهم يجوز عند المالكية، صرح به الدردير، وفي الإحرام المعلق عندهم قولان، ويجوز كلا النوعين عندنا الحنفية كما في "شرح اللباب"، وقال: إن الإحرام المبهم يجوز إجماعًا، وكذا يجوز النوعان: المبهم والمعلق عند الحنابلة كما في "المغني"، وهذا هو تحقيق المذاهب فيه. والإحرام المبهم هو أن يحرم ولم يعين أحدًا من النسكين من الحج والعمرة، والمعلق أن يحرم كإحرام زيد مثلًا، وبسط الكلام عليه في "الأوجز" وهامش "اللامع" (١).

(٣٣ - باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}. . .) إلخ

هذا الباب في الميقات الزماني، كما أن الأبواب السابقة كانت في الميقات المكاني، كذا في "الفيض" (٢). ثم الظاهر عندي: أن الترجمة مشتملة على الجزئين، الأول: في تعين أشهر الحج.

قال الحافظ (٣): أجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج ثلاثة: أولها شوال، لكن اختلفوا هل هي ثلاثة بكمالها وهو قول مالك ونقل عن "الإملاء" للشافعي، أو شهران وبعض الثالث وهو قول الباقين، ثم اختلفوا فقال ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وآخرون: عشر ليال من ذي الحجة، وهل يدخل يوم النحر أو لا؟ قال أبو حنيفة وأحمد: نعم، وقال الشافعي في المشهور المصحح عنه: لا، وقال بعض أتباعه: تسع من ذي الحجة ولا يصح في يوم النحر ولا في ليلته وهو شاذ، انتهى.

والجزء الثاني من الترجمة: الإحرام قبل أشهر الحج، أعني مسألة


(١) "لامع الدراري" (٥/ ١٤١).
(٢) "فيض الباري" (٣/ ٨٢).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>