للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد النسك والإحرام أم لا؟ كما هو مؤدى حديث الباب، ثم في الإشعار ثلاثة مباحث، كما بسط في "الأوجز"، الأول: في تفسيره، والثاني: في حكمه، والثالث: في النعم التي تُشْعَرُ، أما البحث الثاني: ففيه خلاف مشهور، فذهب الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة إلى أنه سُنَّة، وقال أبو يوسف ومحمد: إنه حسن، وقيل: سُنَّة، كما في "البدائع"، وفي "الهداية": هو مكروه عند أبي حنيفة، وعندهما: حسن.

وأما البحث الثالث ففي "الأوجز" (١): حاصل مذاهب الأئمة في ذلك، أن الإشعار في الإبل والبقر مطلق عند الشافعية والحنابلة، وأما عند المالكية ففي الإبل قولان: المرجح الإشعار مطلقًا، والثاني: التقييد بالسنام، وفي البقر ثلاثة أقوال: الإثبات والنفي المطلقان، والثالث: المرجح عندهم إشعار ذات السنام، وأما عند الحنفية فلا إشعار في البقر مطلقًا، وأما الغنم فلا إشعار فيه إجماعًا، بل يحرم عند الجمهور.

وظاهر صنيع الإمام البخاري اختصاص الإشعار بالإبل دون البقر إذ خصَّه بالبدن، وذكر في الباب السابق البدن بمقابلة البقر، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

(١٠٩ - باب من قلَّد القلائد بيده)

قال الحافظ (٢): أي: الهدايا، وله حالان: إما أن يسوق الهدي ويقصد النسك فإنما يقلدها ويشعرها عند إحرامه، وإما أن يسوقه ويقيم فيقلدها من مكانه، وهو مقتضى حديث الباب، والغرض بهذه الترجمة أنه كان عالمًا بابتداء التقليد ليترتب عليه ما بعده، قال ابن التين: يحتمل أن يكون قول عائشة: "ثم قلَّدها بيده" بيانًا لحفظها للأمر ومعرفتها به، ويحتمل أن تكون أرادت أنه - صلى الله عليه وسلم - تناول ذلك لنفسه وعلم وقت التقليد، ومع ذلك فلم يمتنع من شيء يمتنع منه المحرم لئلا يظن أحد أنه استباح ذلك قبل أن يعلم بتقليد الهدي، انتهى.


(١) "الأوجز" (٧/ ٥١٤، ٥١٥، ٥٢٨).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>