للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الدماء الواجبة حتى دم التمتع والقران، ويجوز الأكل من التطوع مع وجوب التصدق ببعض لحمه، وهذا التفصيل في الهدي الذي بلغ محله.

وأما ما عطب في الطريق ففيه أيضًا خلاف مشهور بين الأئمة، وطالما تلتبس إحدى المسألتين بالأخرى على نقلة المذاهب، ففي "الأوجز" (١) بعد نقل الأقاويل المختلفة: والحاصل أن الأكل من الهدي إذا عطب لا يجوز لصاحبه ولا لرفقته، سواء كانوا أغنياء أو فقراء عند الشافعي وأحمد، ويجوز لغيرهم إذا كانوا فقراء، وأما عند مالك فيجوز للرفقاء مطلقًا، سواء كانوا أغنياء أو فقراء فضلًا عن غير الرفقة، ولا يجوز لصاحبه ولو فقيرًا ولا لرسوله، ولا يجوز له الأمر لأحد أن يأكل، ولا أن يفرِّقه على الناس، بل يخلي بينه وبينهم، وأما عند الحنفية فيجوز للفقراء، سواء كانوا رفقة أم لا، ولا يجوز للأغنياء مطلقًا، إلى آخر ما بسط فيه من الدلائل.

[(١٢٥ - باب الذبح قبل الحلق)]

وفي الحديث عكسه، يعني: الحلق قبل الذبح، ووجه الاستدلال أن السؤال عن ذلك دالّ على أن السائل عرف أن الحكم على عكسه، قاله الحافظ (٢).

وفي "جزء حجة الوداع" (٣) تحت حديث الباب عدة أبحاث، وفيه: البحث الرابع في اختلاف الأئمة في الأفعال المذكورة، فاعلم أن ما يفعل يوم النحر أربعة أمور: الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة، وهذا الترتيب هو المسنون عند كافة العلماء، وهذا الترتيب سُنَّة عند الشافعي وأحمد وصاحبي أبي حنيفة، فمن قدَّم شيئًا من هذه أو أخَّر فلا دم عليه عندهم لكون الترتيب غير واجب، لقوله عليه الصلاة والسلام: "افعل ولا حرج".


(١) "الأوجز" (٧/ ٥٥٩).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٥٥٩).
(٣) "جزء حجة الوداع" (ص ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>