للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢ - باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس)]

أي: الشرار منهم، وراعى في الترجمة لفظ الحديث، وقرينة إرادة الشرار من الناس ظاهرة من التشبيه الواقع في الحديث، والمراد بالنفي الإخراج، ولو كانت الراوية "تنقي" بالقاف لحمل لفظ "الناس" على عمومه، وقد ترجم المصنف بعد أبواب: "المدينة تنفي الخبث"، انتهى من "الفتح" (١).

وقال العيني (٢): قلت: جعلوا لفظ: "تنفي" من النفي، فلذلك قدروا هذا التقدير، والأحسن عندي أن يكون هذا اللفظ من التنقية بالقاف، والمعنى: أن المدينة تنقي الناس تبقي خيارهم وتطرد شرارهم، ويناسب هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها"، وإنما قلنا: يناسب هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - من حيث إن حاصل المعنى يؤول إلى ما ذكرنا، وإن كان لفظ الحديث من النفي بالفاء، انتهى.

قلت: والأوجه عندي ما قال العيني، لئلا يوهم تكرار الترجمة بما يأتي من "باب المدينة تنفي الخبث"، لكن كلام الحافظ يشير إلى أن الرواية في الترجمة أيضًا بلفظ: "الفاء"، وعلى هذا فللتأويل للترجمة مساغ بأن يقال: إن الخبث غير الخبيث، انتهى من هامش "اللامع" (٣).

وأوجه منه أن يقال في دفع التكرار: إن الغرض من الترجمة ههنا هو إثبات فضل المدينة، وهو ثابت بالجزء الأول من الحديث بقوله: "أمرت بقرية تأكل القرى" كما هو ظاهر، وأما قوله في الترجمة: "وأنها تنفي الناس" ذكره استطرادًا لوجوده في حديث الباب، وأما الترجمة الثانية الآتية فالمقصود منه النفي خاصة.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٤): قوله: "وأنها تنفي الناس" ولا يستلزم


(١) "فتح الباري" (٤/ ٨٧).
(٢) "عمدة القاري" (٧/ ٥٧٦).
(٣) انظر: "لامع الدراري" (٥/ ٣٢٣).
(٤) "لامع الدراري" (٥/ ٣٢٢ - ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>