للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، ثم إن الآثار التي ذكرها ههنا تدل على الترجمة بنوع من القياس ودلالة النص، فإن إلقاء الثوب المبلول على الجسم، ودخول الحمام، وتطعم القدر والشيء، والمضمضة، والتبرد، والتدهن، وتقحم الإناء المملوء ماء، والاستياك، والكحل لما جاز للصائم وهي مظنة لنفوذ الشي إلى الباطن، فأولى أن يجوز له الغسل، فإن أمرّ الماء أخف لا سيما إذا كان لا يستقر على البدن، كما هو ظاهر في الغسل، ثم الظاهر أن الحمام المذكور في أثر الشعبي أريد به البارد، وقوله: "فليصبح دهينًا وجهه" أنه لو كان متقشفًا متقحلًا ظهر عليه صومه، والأولى فيه الإخفاء، انتهى.

وبسط الكلام عليه في هامشه (١)، وفيه: قال الحافظ تحت الباب: أي: بيان جوازه، قال الزين بن المنيِّر: أطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة، وكأنه يشير إلى ضعف ما روي عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام، أخرجه عبد الرزاق، وفي إسناده ضعف، واعتمده الحنفية فكرهوا الاغتسال للصائم، انتهى.

وتعقبه العيني إذ قال: هذا غير صحيح على إطلاقه؛ لأنه رواية عن أبي حنيفة غير معتمد، والمذهب المختار أنه لا يكره، ذكره الحسن عن أبي حنيفة، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع".

(٢٦ - باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا)

قال الحافظ (٢): أي: هل يجب عليه القضاء أو لا؟ وهي مسألة خلافٍ مشهورة، وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب، وعن مالك: يبطل صومه وعليه القضاء، قال عياض: هذا هو المشهور عنه، وهو قول شيخه ربيع (٣) وجميع أصحاب مالك، لكن فرقوا بين الفرض والنفل، وقال الداودي: لعل مالكًا لم يبلغه الحديث، أو أوّله على رفع الإثم.


(١) "لامع الدراري" (٥/ ٣٥٦).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ١٥٥).
(٣) كذا في الأصل، (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>