للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "المغني" (١): قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فسَّر مسدد قول أبي موسى: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم" فلا يدخلها، فضحك وقال: من قال هذا؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذلك، وما فيه من الأحاديث؟ قال أبو الخطاب: إنما يكره إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق؛ لأن أحمد قال: إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن لا يكون بذلك بأس، وروي نحو هذا عن مالك، وهو قول الشافعي، والذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام لما فيه من المشقة والضعف وشبه التبتل المنهي عنه، انتهى مختصرًا.

وفي "البذل" (٢): قال ابن الهمام: يكره صوم الدهر؛ لأنه يضعفه أو يصير طبعًا له، ومبنى العبادة على مخالفة العادة، انتهى.

قال الحافظ (٣): والى كراهة صوم الدهر مطلقًا ذهب إسحاق وابن العربي من المالكية وأهل الظاهر، وهي رواية عن أحمد، وشذ ابن حزم فقال: يحرم، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: "أنه بلغ عمر - رضي الله عنه - أن رجلًا يصوم الدهر فأتاه فعلاه بالدرة وجعل يقول: كل يا دهري" إلى أن قال: وذهب آخرون إلى جوازه وحملوا النهي عن من صامه حقيقة، فإنه يدخل فيه ما حرم صومه كالعيدين، وهذا اختيار ابن المنذر وطائفة، وذهب آخرون إلى استحبابه لمن قوي عليه ولم يفوت فيه حقًا، وإلى ذلك ذهب الجمهور، إلى آخر ما بسط في "الفتح".

[(٥٧ - باب حق الأهل في الصوم)]

قال الحافظ (٤): قوله: "رواه أبو جحيفة"، يعني حديث أبي جحيفة في قصة سلمان وأبي الدرداء التي تقدمت قبل خمسة أبواب، وفيها قول سلمان لأبي الدرداء: "وإن لأهلك عليك حقًا"، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، انتهى.


(١) "المغني" (٤/ ٤٣٠).
(٢) "بذل المجهود" (٨/ ٦٢٤).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٢٢٢).
(٤) المصدر السابق (٤/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>