للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخفيف عنه، وجواز أجر الحجام، نبَّه عليهما في أثناء الكلام بلفظ الباب، وكذلك الرواية الموردة في الباب الثالث لما كانت تثبت مع إثباتها مسألة التعاهد مسألة أخرى، وهي حرمة كسب الأمة إذا كان من زنا نبَّه عليها بلفظ الباب، فالحاصل أن التعاهد مشترك الثبوت بتلك الروايات بأسرها، فكلها من الباب المتقدم، فإن فيها ذكرًا لضريبة العبد، وهو المقصود بالإثبات، وتعاهد الإماء مذكور في الرواية الثالثة، إلا أنها لما كانت متضمنة لمسائل أخر نبَّه عليها بزيادة الأبواب، انتهى.

قلت: وهذا أوجه عندي فتكون التراجم الآتية من الأصل السادس من أصول التراجم، وهذا أصل معروف مطرد في "البخاري"، يقال له في ألسنة المشايخ: باب في باب، انتهى من هامش "اللامع" (١).

[(١٨ - باب خراج الحجام)]

قال العلَّامة العيني (٢): خراج الحجام أجره، انتهى.

قال الحافظ (٣): حديث الباب ظاهر في الجواز، وتقدم في "البيوع" (٤) بلفظ: "ولو كان حرامًا لم يعطه"، وعرف به أن المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم، وكأن ابن عباس أشار بذلك إلى الرد على من قال: إن كسب الحجام حرام، واختلف العلماء في هذه المسألة؛ فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بهذا الحديث وقالوا: هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم، فحملوا الزجر عنه على التنزيه، ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حرامًا ثم أبيح، جنح إلى ذلك الطحاوي، وذهب أحمد وجماعة إلى الفرق بين الحر والعبد، فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة، ويحرم عليه الإنفاق على نفسه منها، ويجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب منها وأباحوها للعبد مطلقًا، إلى آخر ما قال الحافظ في "الفتح".


(١) "اللامع" (٦/ ١٨٧).
(٢) "عمدة القاري" (٨/ ٦٣٥).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٤٥٩).
(٤) انظر: "صحيح البخاري" (ح: ٢١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>