للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحتال عليه على المحيل ففي "البدائع" (١): وجملة الكلام في الرجوع في موضعين: في بيان شرائط الرجوع، وفي بيان ما يرجع به، أما شرائطه فأنواع منها: أن تكون الحوالة بأمر المحيل، فإن كانت بغير أمره لا يرجع؛ لأن الحوالة إذا كانت بأمر المحيل صار المحال مملكًا الدين من المحال عليه بما أدى إليه من المال، فكان له أن يرجع بذلك على المحيل، وإن كانت بغير أمره لا يوجد معنى التمليك، فلا تثبت ولاية الرجوع، ومنها: أن لا يكون للمحيل على المحال عليه دين مثله، فإن كان لا يرجع، إلى آخر ما بسطه.

(٢ - باب إذا أحال على مليّ فليس له ردّ. . .) إلخ

هكذا هذه الترجمة والترجمة الآتية في النسخ الهندية، وكذا في نسخة العيني والقسطلاني، وجمعهما في نسخة الحافظ في باب واحد هكذا: "باب إن أحال دين الميت على رجل جاز، وإذا أحال على ملي فليس له رد".

قال الحافظ (٢): كذا ثبت عند أبي ذر، والترجمة الثانية - أي: وإذا أحال على ملي - مقدمة عند غيره على الباب في باب مفرد، وفيه حديث أبي هريرة: "مطل الغني ظلم"، ومناسبته للترجمة واضحة، وهو يشعر بأنه في ذلك موافق للجمهور على عدم الرجوع، انتهى.

قلت: ما قال الحافظ ليس بواضح، فإن المصنف لم يتعرض ههنا لمسألة الرجوع وعدمه، بل هذه المسألة قد تقدمت في الباب الذي قبله، وإنما المذكور ههنا هو قبول الحوالة هل هو لازم أم لا؟ فعند الجمهور ليس بواجب خلافًا للظاهرية وبعض الحنابلة، فإنهم أوجبوا قبولها على الملي، فقد تقدم في الباب السابق من جملة شرائط الحوالة أن رضاء المحتال ليس بلازم عند الحنابلة بخلاف الجمهور، فإنهم أوجبوه.


(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٣ - ١٤).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٤٦٦ - ٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>