للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أن تكون المؤونة مؤونة الأرض كما في المزارعة، أو مؤونة النخل وغيره من الأشجار، كما تكون في المساقاة، لكن لما كان المذكور في حديث الباب لفظ: "النخل" فرعاية للفظ الحديث ذكر لفظ "النخل"، وله نظائر في التراجم.

قال صاحب "البدائع" (١): وأما ركن المزارعة فهو الإيجاب والقبول، وهو أن يقول صاحب الأرض للعامل: دفعت إليك هذه الأرض مزارعة بكذا، ويقول العامل: قبلت أو رضيت أو ما يدل على قبوله ورضاه، فإذا وجدا تم العقد بينهما، انتهى.

ثم لا يذهب عليك أن الإمام البخاري ترجم بثلاثة أبواب بترتيب خاص، الأول: اقتناء الكلب، والثاني: استعمال البقر، والثالث: هذه، وهذا الترتيب يشير عندي إلى أنه أشار بهذه الترجمة إلى استعمال الإنسان للحرث؛ فإنه بدأ بالكلب، ثم ثنى بالبقر، ثم ثلث بالإنسان.

[(٦ - باب قطع الشجر والنخل. . .) إلخ]

قال الحافظ (٢): أي: للحاجة والمصلحة إذا تعيَّنت طريقًا في نكاية العدو ونحو ذلك، وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقالوا: لا يجوز قطع الشجر المثمر أصلًا، وحملوا ما ورد من ذلك إما على غير المثمر وإما على أن الشجر الذي قطع في قصة بني النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور، انتهى.

ويشكل على الترجمة عدم تعلقها بالكتاب، ويمكن عنه الجواب عندي بأنه من قبيل ذكر الأضداد، فإن المذكور في الترجمة الأولى هو مؤنة النخل، أي: سقيها وحفظها، والمذكور في هذه الترجمة ضد ما في السابقة، فإن التقابل من أعلى وجوه التناسب:

فبضدها تتبين الأشياء


(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٥٥).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>