للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريك الآخر مخيَّر بين ثلاثة أمور: يعتق نصيبه أو يستسعي، والولاء لهما في الوجهين، أو يغرم الأول فالولاء له، ويستسعي العبد. وقال صاحباه: ليس له إلا الضمان مع اليسار أو السعاية مع الإعسار، ولا يرجع العبد على المعتق بشيء، والولاء للمعتق في الوجهين. وقالت الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم: إن كان الأول موسرًا يغرم والولاء له، وإلا فقد عتق منه ما عتق ولا يستسعي. وهذا الاختلاف مبني على اختلاف آخر وهو: أن الإعتاق متجز عند الإمام أبي حنيفة ومن وافقه مطلقًا، يعني: في حالتي اليسر والعسر، وليس بمتجز مطلقًا عند صاحبيه ومن وافقهما، ومتجز في حالة العسر دون اليسر في المشهور من أقوال الأئمة الثلاثة الباقية، وهذا تفصيل المذاهب الأئمة الستة، وإلا ففي المسألة أقوال أخر، فقد ذكر النووي (١) فيها عشرة مذاهب، والعيني (٢) على البخاري أربعة عشر مذهبًا، وفي "الأوجز" (٣) عشرين مذهبًا، انتهى من هامش "اللامع" (٤).

(٥ - باب إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له. . .) إلخ

قال الحافظ (٥): أشار البخاري بهذه الترجمة إلى أن المراد بقوله في حديث ابن عمر: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" أي: وإلا فإن كان المعتق لا مال له يبلغ قيمة بقية العبد فقد تنجز عتق الجزء الذي كان يملكه وبقي الجزء الذي لشريكه على ما كان عليه أولًا إلى أن يستسعي العبد في تحصيل القدر الذي يخلص به باقيه من الرق إن قوي على ذلك، فإن عجز نفسه استمرت حصة الشريك موقوفة، وهو مصير منه إلى القول بصحة الحديثين جميعًا والحكم برفع الزيادتين معًا وهو قوله في حديث ابن عمر: "وإلا فقد عتق منه ما عتق".


(١) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" (٥/ ٣٩٦).
(٢) انظر: "عمدة القاري" (٩/ ٢٧٤، ٢٧٥).
(٣) "أوجز المسالك" (١١/ ٥٥٠ - ٥٦٠).
(٤) "اللامع" (٦/ ٣٧٢).
(٥) "فتح الباري" (٥/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>